فصل
، تطلق عند الأصحاب ، وفيه احتمال للإمام . خاطب زوجته بالطلاق في ظلمة أو حجاب ونحوهما وهو يظنها أجنبية
[ ص: 55 ] وحكى في " البسيط " أن الغزالي ، فأفتى إمام الحرمين بوقوع الطلاق . قال : وفي القلب منه شيء . بعض الوعاظ طلب من الحاضرين شيئا فلم يعطوه ، فقال متضجرا منهم : طلقتكم ثلاثا ، وكانت زوجته فيهم وهو لا يعلم
ولك أن تقول : ينبغي أن لا تطلق ، لأن قوله : طلقتكم لفظ عام وهو يقبل الاستثناء بالنية ، كما لو حلف لا يسلم على زيد ، فسلم على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه ، لم يحنث . وإذا لم يعلم أن زوجته في القوم ، كان مقصوده غيرها .
قلت : هذا الذي قاله إمام الحرمين والرافعي ، كلاهما عجب منهما ، أما العجب من الرافعي ، فلأن هذه المسألة ليست كمسألة السلام على زيد ، لأنه هناك علم به واستثناه ، وهنا لم يعلم بها ولم يستثنها ، واللفظ يقتضي الجميع إلا ما أخرجه ولم يخرجها . وأما العجب من الإمام ، فلأنه تقدم في أول الركن أنه يشترط قصد لفظ الطلاق بمعنى الطلاق ، ولا يكفي قصد لفظه من غير قصد معناه ، ومعلوم أن هذا الواعظ لم يقصد معنى الطلاق ، وأيضا فقد علم أن مذهب أصحابنا أو جمهورهم ، أن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال إلا بدليل . وقوله : طلقتكم خطاب رجال ، فلا تدخل امرأته فيه بغير دليل ، فينبغي أن لا تطلق لما ذكرته ، لا لما ذكره الرافعي ، فهذا ما تقتضيه الأدلة . والله أعلم .
فرع
، طلقت ، نص عليه نسي أن له زوجة ، أو زوجه أبوه في صغره ، أو وكيله في كبره وهو لا يدري فقال : زوجتي طالق ، أو خاطبها بالطلاق رحمة الله عليه . وهذا في الظاهر . وفي نفوذه باطنا وجهان بناهما الشافعي المتولي على الإبراء عن المجهول . إن قلنا : لا يصح ، لم تطلق باطنا .
[ ص: 56 ] فرع
إذا ، لم يقع طلاقه . قال لقن كلمة الطلاق بلغة لا يعرفها ، فقالها وهو لا يعرفها المتولي : هذا إذا لم يكن له مع أهل ذلك اللسان اختلاط . فإن كان ، لم يصدق في الحكم ويدين باطنا . وإذا لم يقع الطلاق فقال : أردت بهذه اللفظة معناها بالعربية ، لم يقع على الأصح .
ولو قال : لم أعلم أن معناها قطع النكاح ، ولكن نويت بها الطلاق ، وقصدت قطع النكاح ، لم يقع الطلاق ، كما لو خاطبها بكلمة لا معنى لها ، وقال : أردت الطلاق .