حيث لا معتمد متيقن في مذهبه في تلك الواقعة بسائر توابعها ومقاصدها فيما يظهر عند تعارض الأدلة [ ص: 136 ] والمدارك ( الفقهاء ) العدول الموافقين ، والمخالفين لقوله تعالى { ( ويندب أن يشاور ) المجتهد ولو في الفتوى وغيره وشاورهم في الأمر } ، ومنه أخذ رد قول القاضي : لا يشاور من هو دونه . وأيضا قد يكون عند المفضول في بعض المسائل ما ليس عند الفاضل . وفي وجه تحرم المباحثة مع الفاسق ويتعين ترجيحه إن قصد بها إيناسه ؛ لأنه حرام كما صرحوا به ( وأن لا يشتري ويبيع ) ويعامل مع وجود من يوكله ( بنفسه ) في عمله بل يكره له ؛ لئلا يحابى ( ) ؛ لئلا يحابي أيضا . ( فإن ) كان وجه هذا التفريع أن مباشرته لنحو البيع وعلم وكيله لما كانا مظنة لمحاباته التي هي في حكم الهدية فرع حكمها عليهما وحينئذ قد يؤخذ من ذلك ما لم أر من تعرض له ، وهو أنه لو بيع له شيء بدون ثمن المثل حرم عليه قبوله ، وهو متجه ، وإن كان قولهم : لئلا يحابي تعليلا للكراهة قد يقتضي حل قبول المحاباة ، ولا يكون له وكيل معروف فرضا أو نفلا على ما يأتي ( من له خصومة ) ، أو من أحس منه أنه سيخاصم ، وإن كان بعضه على الأوجه ؛ لئلا يمتنع من الحكم عليه ، أو كان يهدي قبل الولاية ( أو ) من لا خصومة له و ( لم يهد ) إليه شيئا ( قبل ولايته ) ، أو كان يهدي إليه قبلها لكنه زاد في القدر ، أو الوصف ( حرم عليه قبولها ) ، ولا يملكها ؛ لأنها في الأولى توجب الميل إليه وفي الثانية سببها الولاية . ( أهدى إليه ) ، أو ضيفه ، أو وهبه ، أو تصدق عليه
وقد صرحت الأخبار الصحيحة بتحريم هدايا العمال بل صح عن تابعي أخذه الرشوة يبلغ به الكفر أي إن استحل ، أو أنها سبب له ، ومن ثم جاء المعاصي يريد الكفر وإنما حلت له صلى الله عليه وسلم الهدايا بالعصمة . وفي خبر أنه أحلها ، فإن صح فهو من خصوصياته أيضا وسواء أكان المهدي من أهل عمله أم من غيره ، وقد حملها إليه ؛ لأنه صار في عمله فلو جهزها له مع رسوله وليس له محاكمة فوجهان إن رجح لمعاذ شارح منهما الحرمة . ولا يحرم عليه قبولها في غير عمله و إن كان المهدي من أهل عمله ما لم يستشعر بأنها مقدمة لخصومة . ومتى بذل له مال ليحكم بغير حق ، أو ليمتنع من حكم بحق فهو الرشوة المحرمة إجماعا . ومثله ما لو لكنه أقل إثما ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { امتنع من الحكم بالحق إلا بمال } وفي رواية ، والرائش ، وهو الماشي بينهما ومحله في راش لباطل [ ص: 137 ] أما من علم أخذ ماله بباطل لولا الرشوة فلا ذم عليه . وحكم الرائش حكم موكله ، فإن توكل عنهما عصى مطلقا ( تنبيه ) : لعن الله الراشي ، والمرتشي في الحكم
محل قولنا : لكنه أقل إثما ، أما إذا كان له رزق من بيت المال ، وإلا وكان ذلك الحكم مما يصح الاستئجار عليه وطلب أجرة مثل عمله فقط جاز له طلبها وأخذها عند كثيرين وامتنع عند آخرين قيل : والأول أقرب ، والثاني أحوط قال السبكي : ولمفت لم ينحصر الأمر فيه الامتناع من الإفتاء إلا بجعل ، وكذا المحكم وفارقا الحاكم بأنه نصب للفصل أي : فيتهم ولو قيل بأنهما مثله له لكان مذهبا محتملا . ا هـ . وعلى الأول فمحله إن كان ما يأخذ عليه فيه كلفة تقابل بأجرة وحينئذ لا فرق بين العيني وغيره بناء على الأصح أن العيني المقابل بالأجرة لمن تعين عليه الامتناع منه إلا بالأجرة . ولعل ما قاله السبكي مبني على الضعيف أن العيني لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا وكأنه بنى على هذا قوله أيضا : يجوز البذل لمن يتحدث له في أمر جائز يقابل بأجرة عند ذي سلطان إن لم يكن المتحدث مرصدا لمثلها بحيث يجب عليه فقوله : إن إلخ إنما يأتي على الضعيف كقوله لا يجوز الأخذ على شفاعة واجبة قال : وكذا مباحة بشرط عوض إن جعل العوض جزاء لها .