الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل القسم ( الثاني المضاربة وهي ) .

                                                                                                                      تسمية أهل العراق مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة قال تعالى { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } ويحتمل أن يكون من ضرب كل منهما بسهم في الربح ، وسماها أهل الحجاز قراضا فقيل : هو من القرض بمعنى القطع يقال : قرض الفأر الثوب إذا قطعه فكأن رب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل ، واقتطع له قطعة من ربحها وقيل : من المساواة والموازنة يقال : تقارض الشاعران إذا توازنا وهي جائزة بالإجماع حكاه ابن المنذر ورويت عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام رضي الله تعالى عنهم ولم يعرف لهم مخالف والحكمة تقتضيها ، ; لأن بالناس حاجة إليها فإن النقدين لا تنمى إلا بالتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ، ولا كل من يحسنها له مال فشرعت لدفع الحاجة والمضاربة ( دفع مال ) أي نقد مضروب خال من الغش الكثير .

                                                                                                                      وتقدم ( وما في معناه ) أي معنى الدفع ، بأن كان له عند إنسان نقد مضروب من نحو وديعة ( معين معلوم قدره ) ف ( لا ) تصح على ( صبرة نقد ) لجهالتها .

                                                                                                                      ( ولا ) على ( أحد كيسين في كل واحد منهما مال معلوم تساوى ما فيهما ) أي الكيسين ( أو اختلف ) ما فيهما للإيهام ، وقوله ( إلى من يتجر فيه ) أي المال متعلق بدفع ، [ ص: 508 ] وسواء كان المدفوع إليه واحدا أو أكثر ولذلك عبر بمن وقوله ( بجزء ) مشاع ( معلوم من ربحه ) أي المال ، متعلق بيتجر فإن سمى له كل الربح أو دراهم ولو معلومة أو جزءا مجهولا ، كحظ أو قسط ، أو نصيب فسدت وتقدم .

                                                                                                                      وكذا لو جعل له جزءا من نفس المال المدفوع ( له ) أي للعامل ( أو لعبده ) أي عبد العامل إذ المشروط للعبد لسيده ( أو ) شرط الجزء للعامل ، و ( لأجنبي مع عمل منه ) أي من الأجنبي بأن يقول : اعمل في هذا المال بثلث الربح لك ولزيد ، على أن يعمل معك ; لأنه في قوة قوله : اعملا في هذا المال بالثلث ( ويسمى أيضا ) دفع المال على الوجه المذكور ( قراضا ) وتقدم ( ومعاملة ) من العمل .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية