الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويعتبر الخراج بقدر ما تحتمله الأرض التي يضعه عليها ) ; لأنه أجرة لها ، ويختلف باختلافها ، وهذا في ابتداء الوضع ، وإما ما وضعه إمام ، فلا يغيره آخر ما لم يتغير السبب ، كما يدل عليه كلام القاضي في الأحكام السلطانية ، وكلام الأصحاب أيضا في نظائره وقد أوضحته في حاشية المنتهى .

                                                                                                                      ( وعنه يرجع إلى ما ضربه ) أمير المومنين ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه [ ص: 97 ] ( فلا يزاد ) عليه ( مثلا ولا ينقص ) عنه ; لأن اجتهاد عمر أولى من قول غيره كيف كان ، ولم ينكره أحد من الصحابة مع شهرته .

                                                                                                                      فكان كالإجماع ( وقد روي عنه ) أي : عمر رضي الله تعالى عنه ( في الخراج روايات مختلفة قال في المحرر ، والأشهر عنه أنه جعل على جريب الزرع قفيزا من طعامه ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم ، وعلى جريب الكرم عشرة ) دراهم ( و ) على ( جريب الرطب ستة ) دراهم .

                                                                                                                      قال في المبدع : هذا هو الذي وظفه عمر في أصح الروايات عنه ( وظاهر ذلك : أن جريب الزرع ، والحنطة ، وغيرها سواء في ذلك ) لإطلاق قوله على جريب الزرع درهما ، وقفيزا من طعامه " .

                                                                                                                      وقال في المقنع قال أحمد ، وأبو عبيد القاسم بن سلام أعلى وأصح حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا " انتهى وجزم بمعناه في المنتهى .

                                                                                                                      لكن حمله في المبدع على ما ذكره المصنف ( وفي ) الهداية لأبي خطاب و ( الرعايتين : خراج عمر رضي الله تعالى عنه على جريب الشعير درهمان ، والحنطة أربعة ) دراهم ( والرطبة ستة ) دراهم ( والنخل ثمانية ) دراهم ( والكرم عشرة ) دراهم ( والزيتون اثنا عشر درهما ) ، وهذا رواه أبو عبيد عن عمر أنه بعث عثمان بن حنيف لمساحة أرض السواد فضربه " ، والروايات مختلفة في ذلك فالآخذ بالأعلى ، والأصح ، وهو حديث عمرو بن ميمون أولي ( ويأتي ما ضربه ) عمر ( في الجزية ، والقفيز ثمانية أرطال قال القاضي : وجمع بالمكي ) ; لأن الرطل العراقي لم يكن .

                                                                                                                      ، وإنما كان المكي ( و ) قال ( المجد وجمع بالعراقي ) ; لأنه هو الذي كان معروفا بالعراق ، وهو المسمى بالقفيز الحجاجي : قال في المبدع : ، وينبغي أن يكون من جنس ما تخرجه الأرض حنطة أو شعيرا ذكره في الكافي ، والشرح ( فعلى الأول يكون ) القفيز ستة عشر رطلا بالعراقي ، وهو الصحيح قال في الإنصاف هذا الصحيح قدمه في الشرح .

                                                                                                                      وقال نص عليه انتهى ، وقطع به في المقنع ( و ) القفيز على القول ( الثاني ، وهو قفيز الحجاج ، وهو صاع عمر نصا ، والقفيز الهاشمي مكوكان ، وهو ثلاثون رطلا عراقية ) ، وحكاه أبو بكر هنا قولا ( والجريب عشر قصبات في عشر قصبات ) أي : مائة قصبة مكسرة ، ومعنى الكسر ضرب أحد العددين في الآخر ، فيصير أحدهما كسرا للآخر ( ، والقصبة ) ما يمسح به الزراع كالذراع للبز ، واختير القصب دون غيره ; لأنه لا يطول ، ولا يقصر ، وهو أحق ، وهو أخف من الخشب [ ص: 98 ] وهي ستة أذرع بذراع عمر قال في المبدع : ، والمعروف بالذراع الهاشمية ، سماه المنصور به ( وهو ذراع وسط ) أي : بيد الرجل المتوسط الطول .

                                                                                                                      ( وقبضة ، وإبهام قائمة ) ، وهو معروف بين الناس ( فيكون الجريب ثلاثة آلاف ذراع ، وستمائة ذراع مكسرا ) ; لأن القصبة ستة أذرع في مثلها فتكون ستة ، وثلاثين ذراعا مكسرة تضربها في مكسر الجريب ، وهو مائة ذراع يخرج ما ذكر ، فعلم أن الجريب ربع فدان بعرف مصر ، وما بين الشجر من بياض الأرض ، وهي الخالي من الشجر ( تبع لها ) أي : للشجر ، فلا يؤخذ سوى خراج الشجر .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية