فصل
وفيها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ) . من لم يطيب نفسه ، فله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا
ففي هذا دليل على جواز . بيع الرقيق بل الحيوان بعضه ببعض نسيئة ومتفاضلا
وفي " السنن " من حديث ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عبد الله بن عمرو ) . أمره أن يجهز جيشا ، فنفدت الإبل ، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة ، وكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة
وفي " السنن " عن عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ( ابن عمر نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ) ورواه من حديث الترمذي الحسن عن سمرة ، وصححه .
وفي من حديث الترمذي ، عن الحجاج بن أرطاة أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) قال الحيوان اثنان بواحد لا يصلح نسيئا ، ولا بأس به يدا بيد : حديث حسن . الترمذي
[ ص: 427 ] فاختلف الناس في هذه الأحاديث على أربعة أقوال وهي روايات عن أحمد .
أحدها : جواز ذلك متفاضلا ، ومتساويا نسيئة ويدا بيد وهو مذهب أبي حنيفة . والشافعي
والثاني : لا يجوز ذلك نسيئة ولا متفاضلا .
والثالث : يحرم الجمع بين النساء والتفاضل ويجوز البيع مع أحدهما ، وهو قول مالك - رحمه الله -
والرابع : إن اتحد الجنس جاز التفاضل وحرم النساء ، وإن اختلف الجنس جاز التفاضل والنساء .
وللناس في هذه الأحاديث والتأليف بينها ثلاثة مسالك :
أحدها : تضعيف حديث الحسن عن سمرة ، لأنه لم يسمع منه سوى حديثين ، ليس هذا منهما ، وتضعيف حديث الحجاج بن أرطاة .
والمسلك الثاني : دعوى النسخ وإن لم يتبين المتأخر منها من المتقدم ، ولذلك وقع الاختلاف .
والمسلك الثالث : حملها على أحوال مختلفة ، وهو أن النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، إنما كان لأنه ذريعة إلى النسيئة في الربويات ، فإن البائع إذا رأى ما في هذا البيع من الربح لم تقتصر نفسه عليه ، بل تجره إلى بيع الربوي كذلك ، فسد عليهم الذريعة وأباحه يدا بيد ، ومنع من النساء فيه ، وما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة ، كما أباح من المزابنة العرايا للمصلحة الراجحة ، وأباح ما تدعو إليه الحاجة منها ، وكذلك بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلا في هذه القصة ، وفي حديث إنما وقع في الجهاد ، وحاجة [ ص: 428 ] المسلمين إلى تجهيز الجيش ، ومعلوم أن مصلحة تجهيزه أرجح من المفسدة في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، والشريعة لا تعطل المصلحة الراجحة لأجل المرجوحة ، ونظير هذا جواز ابن عمر ، وجواز الخيلاء فيها ، إذ مصلحة ذلك أرجح من مفسدة لبسه ، ونظير ذلك لباسه القباء الحرير الذي أهداه له ملك أيلة ساعة ثم نزعه للمصلحة الراجحة في تأليفه وجبره ، وكان هذا بعد النهي عن لباس الحرير كما بيناه مستوفى في كتاب " التخيير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير " ، وبينا أن هذا كان عام الوفود سنة تسع ، وأن النهي عن لباس الحرير كان قبل ذلك ، بدليل أنه نهى لبس الحرير في الحرب عمر عن لبس الحلة الحرير التي أعطاه إياها ، فكساها عمر أخا له مشركا بمكة ، وهذا كان قبل الفتح ، ولباسه - صلى الله عليه وسلم - هدية ملك أيلة ، كان بعد ذلك ، ونظير هذا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ، سدا لذريعة التشبه بالكفار ، وأباح ما فيه مصلحة راجحة من قضاء الفوائت ، وقضاء السنن ، وصلاة الجنازة ، وتحية المسجد ؛ لأن مصلحة فعلها أرجح من مفسدة النهي . والله أعلم . الصلاة قبل طلوع الشمس ، وبعد العصر
وفي القصة دليل على أن ، جاز إذا اتفقا عليه ، ورضيا به ، وقد نص المتعاقدين إذا جعلا بينهما أجلا غير محدود أحمد على جوازه في رواية عنه في ، أنه يكون جائزا حتى يقطعاه ، وهذا هو الراجح ، إذ لا محذور في ذلك ولا عذر ، وكل منهما قد دخل على بصيرة ، ورضى بموجب العقد ، فكلاهما في العلم به سواء ، فليس لأحدهما مزية على الآخر ، فلا يكون ذلك ظلما . الخيار مدة غير محدودة