الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير - رجل من قريش - مسلما ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي جعلت لنا . فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا جيدا . فاستله الآخر ، فقال : أجل والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت . فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه . فأمكنه منه ، فضربه به حتى [ ص: 264 ] برد ، وفر الآخر يعدو حتى بلغ المدينة ، فدخل المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه : " لقد رأى هذا ذعرا " . فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قتل والله صاحبي ، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير فقال : يا نبي الله ، قد والله أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ويل أمه مسعر حرب ، لو كان له أحد " . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل ، فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله لا يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم فهو آمن ، فأنزل الله عز وجل : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) ، حتى بلغ ( حمية الجاهلية ) [ الفتح : 24 ] ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت .

التالي السابق


الخدمات العلمية