فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في قص الشارب
قال : روى أبو عمر بن عبد البر ، عن الحسن بن صالح سماك ، عن عكرمة ، عن رضي الله عنهما : ( ابن عباس ) ، ويذكر ( أن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقص شاربه إبراهيم كان يقص شاربه ) ، ووقفه طائفة على . وروى ابن عباس من [ ص: 172 ] حديث الترمذي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( زيد بن أرقم من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) وقال : حديث صحيح . وفي صحيح عن مسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبي هريرة ) . وفي الصحيحين عن قصوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ابن عمر وأحفوا الشوارب ) ، وفي صحيح خالفوا المشركين ووفروا اللحى عن مسلم أنس قال : ( ) وقت لنا النبي صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظفار ألا نترك أكثر من أربعين يوما وليلة
واختلف السلف في ؟ فقال قص الشارب وحلقه أيهما أفضل مالك في موطئه : يؤخذ من الشارب حتى تبدو أطراف الشفة ، وهو الإطار ، ولا يجزه فيمثل بنفسه . وذكر عن ابن عبد الحكم مالك قال : يحفي الشارب ويعفي اللحى ، وليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه ، وقال ابن القاسم عنه : إحفاء الشارب وحلقه عندي مثلة . قال مالك : وتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إحفاء الشارب إنما هو الإطار ، وكان يكره أن يؤخذ من أعلاه .
[ ص: 173 ] وقال : أشهد في حلق الشارب أنه بدعة ، وأرى أن يوجع ضربا من فعله ، قال مالك : ( وكان إذا كربه أمر نفخ فجعل رجله بردائه وهو يفتل شاربه ) عمر بن الخطاب
( وقال : السنة في الشارب الإطار ) ، وقال عمر بن عبد العزيز : ولم أجد عن الطحاوي شيئا منصوصا في هذا ، وأصحابه الذين رأينا - الشافعي المزني والربيع - كانا يحفيان شواربهما ، ويدل ذلك على أنهما أخذاه عن رحمه الله ، قال : وأما الشافعي أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد فكان مذهبهم في شعر الرأس والشوارب أن الإحفاء أفضل من التقصير . وذكر ابن خويز منداد المالكي عن ، أن مذهبه في حلق الشارب كمذهب الشافعي ، وهذا قول أبي حنيفة أبي عمر .
وأما فقال الإمام أحمد الأثرم : رأيت يحفي شاربه شديدا ، وسمعته يسأل عن السنة في إحفاء الشارب ؟ فقال : يحفي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الإمام أحمد بن حنبل ) ، وقال أحفوا الشوارب حنبل : قيل لأبي عبد الله : ترى الرجل يأخذ شاربه أو يحفيه ؟ أم كيف يأخذه ؟ قال : إن أحفاه فلا بأس ، وإن أخذه قصا فلا بأس .
وقال أبو محمد بن قدامة المقدسي في المغني : وهو مخير بين أن يحفيه وبين أن يقصه من غير إحفاء . قال : وروى الطحاوي ( المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من شاربه على سواك ) وهذا لا يكون معه إحفاء .
واحتج من لم ير إحفاءه بحديثي عائشة المرفوعين : ( عشر من الفطرة ) فذكر منها قص الشارب . وفي حديث وأبي هريرة المتفق عليه : ( الفطرة [ ص: 174 ] خمس . . . ) وذكر منها قص الشارب . أبي هريرة
واحتج المحفون بأحاديث الأمر بالإحفاء وهي صحيحة ، وبحديث : ( ابن عباس ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجز شاربه
قال : وهذا الأغلب فيه الإحفاء ، وهو يحتمل الوجهين . وروى الطحاوي عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن يرفعه : ( أبي هريرة ) ، قال : وهذا يحتمل الإحفاء أيضا ، وذكر بإسناده عن جزوا الشوارب وأرخوا اللحى أبي سعيد ، وأبي أسيد ، ، ورافع بن خديج ، وسهل بن سعد ، وعبد الله بن عمر وجابر ، ، أنهم كانوا يحفون شواربهم . وأبي هريرة
وقال إبراهيم بن محمد بن حاطب : ( رأيت يحفي شاربه كأنه ينتفه ) ، وقال بعضهم : حتى يرى بياض الجلد . قال ابن عمر : ولما كان التقصير مسنونا عند الجميع كان الحلق فيه أفضل قياسا على الرأس ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين [ ص: 175 ] ثلاثا وللمقصرين واحدة ، فجعل حلق الرأس أفضل من تقصيره ، فكذلك الشارب . الطحاوي