ومنها : أن فهو من أهل النار لقوله صلى الله عليه وسلم في المسلم إذا قتل نفسه قزمان الذي أبلى يوم أحد بلاء شديدا ، فلما اشتدت به الجراح نحر نفسه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( هو من أهل النار ) .
[ ص: 191 ] ومنها : أن ، ولا يصلى عليه ولا يكفن في [ ص: 192 ] غير ثيابه بل يدفن فيها بدمه وكلومه ، إلا أن يسلبها ، فيكفن في غيرها . السنة في الشهيد أنه لا يغسل
ومنها : أنه إذا كان جنبا غسل كما غسلت الملائكة حنظلة بن أبي عامر .
ومنها : أن ، ولا ينقلوا إلى مكان آخر ، فإن قوما من الصحابة نقلوا قتلاهم إلى السنة في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم المدينة ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر برد القتلى إلى مصارعهم ، قال جابر : ( المدينة لندفنهما في مقابرنا ، [ ص: 193 ] وجاء رجل ينادي : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى ، فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت . قال : فرجعنا بهما ، فدفناهما في القتلى حيث قتلا ، فبينا أنا في خلافة إذ جاءني رجل ، فقال : يا معاوية بن أبي سفيان جابر ، والله لقد أثار أباك عمال معاوية ، فبدا ، فخرج طائفة منه ، قال : فأتيته ، فوجدته على النحو الذي تركته لم يتغير منه شيء . قال : فواريته ، فصارت سنة في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم ) . بينا أنا في النظارة إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح ، فدخلت بهما
ومنها : جواز ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دفن الرجلين أو الثلاثة في القبر الواحد ) . كان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر ، ويقول : أيهم أكثر أخذا للقرآن ، فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد
ودفن ، عبد الله بن عمرو بن حرام في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة فقال : ( وعمرو بن الجموح ) ، [ ص: 194 ] ثم حفر عنهما بعد زمن طويل ، ويد ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد على جرحه كما وضعها حين جرح ، فأميطت يده عن جرحه ، فانبعث الدم فردت إلى مكانها ، فسكن الدم . عبد الله بن عمرو بن حرام
وقال جابر : ( رأيت أبي في حفرته حين حفر عليه كأنه نائم ، وما تغير من حاله قليل ولا كثير . وقيل له : أفرأيت أكفانه ؟ فقال : إنما دفن في نمرة ، خمر وجهه ، وعلى رجليه الحرمل ، فوجدنا النمرة كما هي ، والحرمل على رجليه على هيئته ، وبين ذلك ست وأربعون سنة ) .
وقد اختلف الفقهاء في أحد في ثيابهم ، هل هو على وجه الاستحباب والأولوية ، أو على وجه الوجوب ؟ على قولين : الثاني : أظهرهما وهو المعروف عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفن شهداء ، والأول هو المعروف عن أصحاب أبي حنيفة الشافعي وأحمد ، فإن قيل : فقد روى وغيره بإسناد جيد ، يعقوب بن شيبة حمزة ، فكفنه في أحدهما ، وكفن في الآخر رجلا آخر . أن [ ص: 195 ] صفيه أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما
قيل : حمزة كان الكفار قد سلبوه ، ومثلوا به ، وبقروا عن بطنه ، واستخرجوا كبده ؛ فلذلك كفن في كفن آخر . وهذا القول في الضعف نظير قول من قال : يغسل الشهيد ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع .
ومنها : أن لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء شهيد المعركة لا يصلى عليه أحد ، ولم يعرف عنه أنه صلى على أحد ممن استشهد معه في مغازيه ، وكذلك خلفاؤه الراشدون ، ونوابهم من بعدهم .
فإن قيل : فقد ثبت في " الصحيحين " من حديث عقبة بن عامر أحد صلاته على الميت ، ثم انصرف إلى المنبر ) . أن النبي صلى الله عليه وسلم ( خرج يوما ، فصلى على أهل
وقال : ( ابن عباس أحد ) . صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى
قيل : أما صلاته عليهم ، فكانت بعد ثماني سنين من قتلهم قرب موته ، كالمودع لهم ، ويشبه هذا خروجه إلى البقيع قبل موته يستغفر لهم ، كالمودع للأحياء والأموات ، فهذه كانت توديعا منه لهم ، لا أنها سنة الصلاة على الميت ، ولو كان ذلك كذلك لم يؤخرها ثماني سنين ، لا سيما عند من [ ص: 196 ] يقول لا يصلى على القبر أو يصلى عليه إلى شهر .
ومنها : أن يجوز له الخروج إليه ، وإن لم يجب عليه كما خرج من عذره الله في التخلف عن الجهاد لمرض أو عرج وهو أعرج . عمرو بن الجموح
ومنها : أن ، فعلى الإمام ديته من بيت المال ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدي اليمان المسلمين إذا قتلوا واحدا منهم في الجهاد يظنونه كافرا أبا حذيفة ، فامتنع حذيفة من أخذ الدية ، وتصدق بها على المسلمين .