الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وهي ) أي القسامة ( أن يحلف المدعى ) غالبا ابتداء ( على قتل ادعاه ) ولو لنحو امرأة وكافر وجنين لأن منعه تهيئة للحياة في معنى قتله ( خمسين يمينا ) للخبر السابق في قصة خيبر وهو مخصص لعموم خبر { البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه } بل جاء هذا الاستثناء مصرحا به في خبر لكن في إسناده لين ولقوة جانب المدعي باللوث وأفهم قوله على قتل ادعاه أنه لا قسامة في قد الملفوف لأن الحلف على حياته كما مر فإيراده سهو وأنه يجب التعرض في كل يمين إلى عين المدعى عليه بالإشارة إن حضر وإلا فبذكر اسمه ونسبه وإلى ما يجب بيانه في الدعوى وهو المعتمد لتوجه الحلف إلى الصفة التي حلفه الحاكم عليها أما الإجمال فيجب في كل يمين اتفاقا فلا يكفي تكرير والله خمسين مرة ثم يقول لقد قتلته إما حلف المدعى عليه ابتداء أو لنكول المدعي أو حلف المدعي لنكول المدعى عليه أو الحلف على غير القتل فلا يسمى قسامة ومر في اللعان بعض ما يتعلق بتغليظ اليمين ويأتي في الدعاوى بقيته وكان حكمة الخمسين أن الدية مقومة بألف دينار غالبا ومن ثم أوجبها القديم كما مر والقصد من تعدد الأيمان التغليظ وهو إنما يكون في عشرين دينارا فاقتضى الاحتياط للنفس أن يقابل كل عشرين بيمين منفردة عما يقتضيه التغليظ [ ص: 56 ] ( ولا يشترط موالاتها ) أي الأيمان ( على المذهب ) لحصول المقصود مع تفريقها كالشهادة بخلاف اللعان لأنه احتيط له أكثر لما يترتب عليه من العقوبة البدنية واختلال النسب وشيوع الفاحشة وهتك العرض ( فلو تخللها جنون أو إغماء ) أو عزل قاض وإعادته بخلاف إعادة غيره ( بنى ) إذا أفاق ولم يلزمه الاستئناف لما تقرر وإنما استؤنفت لتولي قاض ثان لأنها على الإثبات فهي بمنزلة حجة تامة وجد بعضها عند الأول بخلاف أيمان المدعى عليه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 55 ] غالبا ) خرج يمين الرد الآتية . ( قوله أيضا غالبا ) إشارة إلى أنه قد يكون الحالف غير المدعي كما لو أوصى لمستولدته بقيمة عبد قتل وهناك لوث ومات السيد فلها الدعوى ، وليس لها أن تقسم وإنما يقسم الوارث كما بين ذلك في المبسوطات كالروض وشرحه ثم رأيت الشارح ذكر ذلك قبيل الفصل . ( قوله لأن منعه تهيئة للحياة في معنى قتله ) أي الجنين ، وقد يحصل قتله حقيقة . ( قوله لأن الحلف على حياته إلخ ) لعل حق العبارة المدعى به فيه الحياة لا القتل . ( قوله فإيراده سهو ) كأن المورد نظر إلى المعنى ، فإن الولي مدع في المعنى أن إنفاذ قتله بعده لأنه كان حيا فلا يلزم السهو وإنما يجاب بأن المدعى به في الظاهر الحياة [ ص: 56 ] قوله بخلاف أيمان إلخ ) أي ففيها البناء ، وإن عزل القاضي وولي غيره لأنها للنفي فتنفذ بنفسها وأيمان المدعي للإثبات فتتوقف على حكم القاضي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله غالبا ) احتراز عن نحو مسألة المستولدة الآتية فإن الحالف فيها غير المدعي ا هـ سيد عمر أي قبيل الفصل الآتي ( قوله ابتداء ) احتراز عن قوله الآتي أو حلف المدعي لنكول المدعى عليه ا هـ سم ( قول المتن على قتل ادعاه ) أي مع وجود اللوث ا هـ مغني ( قوله وجنين ) أي وعبد لما مر أنه يقسم في دعوى قتله ا هـ ع ش ( قوله لأن منعه تهيئة للحياة إلخ ) والجنين قد يحصل قتله حقيقة ا هـ سم ( قوله وهو مخصص إلخ ) وذلك لأنه طلب اليمين من ورثة القتيل ابتداء وما اكتفى بها من المدعى عليه إلا بعد نكول المدعي ا هـ ع ش ( قوله على المدعى عليه ) عبارة النهاية على من أنكر ا هـ ولعلهما روايتان ( قوله هذا الاستثناء ) أي استثناء القسامة عن ذلك الخبر ا هـ مغني ( قوله لين ) أي ضعف ( قوله أنه لا قسامة ) أي بل إنما يحلف الولي يمينا واحدة فقط ووجه إيراده أنه وإن لم يدع القتل صريحا لكنه لازم لدعواه ا هـ ع ش ( قوله أنه لا قسامة في قد الملفوف ) خلافا للمغني عبارته وأورد عليه قد الملفوف فإنه لا يقسم فيه مع أنه لا يتحقق فيه حالة القتل حياة مستقرة وأجيب بأن المراد تحقق الحياة المستقرة في الجملة وقد تحققت قبل ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن الحلف على حياته ) لعل حق العبارة المدعى به فيه الحياة لا القتل ا هـ سم ( قوله فإيراده ) على منع المتن ( قوله سهو ) كأن المورد نظر إلى المعنى فإن الولي مدع في المعنى أن القاد قتله بقده لأنه كان حيا فلا يلزم السهو وإنما يجاب بأن المدعى به في الظاهر الحياة ا هـ سم ( قوله وأنه إلخ ) عطف على أنه لا قسامة إلخ ( قوله إلى عين المدعى عليه ) أي واحدا كان أو أكثر فلو ادعى على عشرة مثلا ذكر في كل يمين أنهم قتلوا مورثه ا هـ ع ش ( قوله فيذكر اسمه ونسبه ) أي أو غيرهما كقبيلته وحرفته ولقبه ا هـ مغني ( قوله وإلى ما يجب بيانه ) أي من عمد أو خطأ أو شبه عمد روض و ع ش ( قوله وهو المعتمد ) وفاقا للنهاية وخلافا للمغني عبارته وهل يشترط أن يقول في اليمين قتله وحده أو مع زيد وعمدا أو خطأ أو شبه عمد أو لا وجهان أوجههما الثاني بل هو مستحب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتوجه الحلف إلخ ) في تقريبه نظر ( قوله أما الإجمال إلخ ) محترز ما يجب بيانه مفصلا من عمد أو خطأ أو غيرهما ا هـ ع ش ( قوله أما حلف المدعى عليه ) محترز قول المتن المدعي ( قوله ابتداء ) أي حيث لا لوث وقوله أو لنكول المدعي أي مع اللوث ا هـ مغني ( قوله أو حلف المدعي إلخ ) أي وجد لوث أو لا ( قوله أو الحلف على غير القتل ) محترز قول المتن على قتل قال ع ش اقتصاره على ما ذكر يقتضي أن اليمين مع الشاهد تسمى قسامة ويوجه بأنها حلف على قتل ادعاه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على غير القتل ) أي من الطرف والجرح وإتلاف مال غير الرقيق ( قوله فلا يسمى إلخ ) كل من الثلاثة ( قوله ويأتي في الدعاوى إلخ ) أي فيأتي جميعه هنا ا هـ ع ش ( قوله غالبا ) احترز به عن دية المرأة فإنها على النصف من ذلك وعن دية الكافر فإنها على الثلث من ذلك أو أقل والحاصل أن الحكمة بالنسبة لدية الكامل ولا يلزم إطرادها ( قوله كل عشرين ) أي من الألف دينار ا هـ ش ( قوله عما يقتضيه التغليظ ) متعلق بمنفردة أي يمين مجردة عن الأشياء التي يقتضيها التغليظ وهي التي مرت في اللعان ا هـ كردي ويظهر أن مراد الشرح من الانفراد عما ذكر الزيادة عليه [ ص: 56 ] بالتعدد كما يفيده كلام المغني وسياق الشرح ( قول المتن ولا يشترط موالاتها ) فلو حلفه القاضي خمسين يمينا في خمسين يوما صح مغني ونهاية أي فمثلها ما زاد عليها وإن طال ما بينهما ع ش ( قوله أي الأيمان ) إلى قول المتن والمذهب في المغني إلا قوله ويحلفون إلي وخرج وقوله وإنما لم يكتف إلى ولو مات ( قوله أو عزل قاض وإعادته ) أي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه ا هـ مغني ( قوله لما تقرر ) أي من قوله لحصول المقصود إلخ عبارة المغني أما على عدم اشتراط الموالاة فظاهر وأما على اشتراطها فلقيام العذر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنها ) أي أيمان المدعي ( قوله بخلاف أيمان المدعى عليه ) عبارة الأسنى والمغني وخرج بالمدعي والمدعى عليه فله البناء فيما لو تخلل أيمانه عزل القاضي أو موته ثم ولي غيره والفرق أن يمينه للنفي فتنفذ بنفسها ويمين المدعي للإثبات فتتوقف على حكم القاضي والقاضي الثاني لا يحكم بحجة أقيمت عند الأول ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية