الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) الركن الثاني السرقة ومر أنها أخذ المال خفية من حرز مثله فحينئذ ( لا يقطع مختلس ومنتهب وجاحد وديعة ) أو عارية مثلا لخبر الترمذي بذلك والأولان يأخذان المال عيانا وأولهما يتعمد الهرب وثانيهما القوة فيسهل دفعهما بنحو السلطان بخلاف السارق لا يتأتى منعه فقطع زجرا له ، وأما حديث { المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم } فالقطع فيه ليس للجحد وإنما ذكر لأنها عرفت به ، بل لسرقة كما بينه أكثر الرواة بل في الصحيحين التصريح به وهو أن قريشا أهمهم شأنها لما سرقت قيل تفسير المنتهب يشمل قاطع الطريق فلا بد من لفظ يخرجه ويجاب بأن قاطع الطريق له شروط يتميز بها كما يأتي فلم يشمله هذا الإطلاق ( ولو نقب ) في ليلة ( وعاد في ) ليلة ( أخرى فسرق ) من ذلك النقب ( قطع في الأصح ) كما لو نقب أول الليل وسرق آخره إبقاء للحرز بالنسبة إليه أما إذا أعيد الحرز [ ص: 145 ] أو سرق عقب النقب فيقطع قطعا ( قلت هذا إذا لم يعلم المالك النقب ولم يظهر للطارقين وإلا ) بأن علم أو ظهر لهم ( فلا يقطع قطعا ) وقيل فيه خلاف ( والله أعلم ) لانتهاك الحرز فصار كما لو نقب وأخرج غيره وفارق إخراج نصاب من حرز دفعتين بأنه ثم متمم لأخذه الأول الذي هتك به الحرز فوقع الأخذ الثاني تابعا فلم يقطعه عن متبوعه إلا قاطع قوي وهو العلم والإعادة السابقان دون أحدهما ودون مجرد الظهور لأنه يؤكد الهتك الواقع فلا يصلح قاطعا له وهنا مبتدئ سرقة مستقلة لم يسبقها هتك الحرز بأخذ شيء منه لكنها مترتبة على فعله المركب من جزأين مقصودين لا تبعية بينهما ، نقب سابق وإخراج لاحق وإنما يتركب منهما إن لم يقع بينهما فاصل أجنبي عنهما وإن ضعف فكفى تخلل علم المالك أو الظهور فتأمله فإن الفرق بمجرد أنه ثم متمم وهنا مبتدئ فرق صوري لولا ما انطوى عليه من المعنى الظاهر الذي قررته وفي بعض النسخ وإلا فيقطع قطعا وهو غلط .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله قيل تفسير المنتهب يشمل قاطع الطريق ) أي مع أنه يقطع ( قوله فلم يشمله هذا الإطلاق ) يمكن أن يجاب بأن هذا الإطلاق مقيد بما يعلم مما سيأتي في قاطع الطريق ولا يضر الإطلاق هنا لأن الغرض تمييزه عن مصحوبيه وهو حاصل بذلك أيضا ( قوله فلم يشمله هذا الإطلاق ) فيه بحث ظاهر لأن تمييزه بتلك الشروط لا يمنع الشمول إذ غاية ذلك أنه أخص منه [ ص: 145 ] والأخص مشمول للأعم قطعا ألا ترى أن للإنسان شروطا يتميز بها عن مطلق الجسم مع شمول تفسير مطلق الجسم له قطعا فليتأمل ، فالأولى جوابنا يتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله والركن الثاني ) انظر ما المعطوف عليه عبارة المغني واعلم أن السرقة أخذ المال إلخ وهو ظاهر ( قوله ومر أنها ) إلى قوله ، وأما حديث المخزومية في المغني إلا قوله مثلا وإلى قول المتن ولو تعاونا في النهاية إلا قوله فتأمله إلى المتن وقوله ومعنى قولهم إلى أو كان ( قوله يعتمد الهرب ) أي : من غير غلبة ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله فقطع زجرا له ) كذا قال الرافعي وغيره ولعل هذا حكم على الأغلب وإلا فالجاحد لا يقصد الأخذ عند جحوده عيانا فلا يمكن منعه بسلطان ولا غيره ا هـ مغني وقد يقال الجاحد يمكن المالك أن يشهد عليه عند الدفع فإذا جحد تخلص منه بنحو السلطان فإن لم يشهد فهو مقصر بخلاف السارق فإنه لا حيلة فيه ا هـ سيد عمر ( قوله وإنما ذكر ) أي : جحد المتاع ا هـ ع ش ( قوله يشمل قاطع الطريق ) أي : مع أنه يقطع ا هـ سم ( قوله ويجاب بأن قاطع الطريق إلخ ) ويمكن أن يجاب بأن هذا الإطلاق مقيد بما سيعلم مما يأتي في قاطع الطريق ولا يضر الإطلاق هنا ؛ لأن الفرض تمييزه عن مصحوبيه وهو حاصل بذلك وقوله فلم يشمله هذا الإطلاق فيه بحث ظاهر ؛ لأن تمييزه بتلك الشروط لا يمنع الشمول إذ غاية ذلك أنه أخص منه والأخص مشمول الأعم قطعا ألا ترى أن للإنسان شروطا يتميز بها عن مطلق الجسم مع شمول تفسير مطلق الجسم له قطعا فليتأمل فالأولى جوابنا سم ولك أن تقول يجوز أن يكون مراد الشارح عين جواب المحشي الذي صرح به فحاصله أن المراد بالمنتهب من يأخذ عيانا ويعتمد الهرب ولا يكون قاطعا للطريق بقرينة ما يأتي في قاطع الطريق بقرينة قوله فلم يشمله إلخ فإنه قرينة واضحة على هذه الإرادة وإن كان في العبارة إجمال ا هـ سيد عمر ( قوله في ليلة ) إلى قوله مستقلة في المغني إلا قوله الذي هتك إلى وهنا وقوله وقيل فيه خلاف ( قول المتن وعاد إلخ ) أي : قبل إعادة الحرز ا هـ مغني ( قوله أما إذا أعيد إلخ ) أي : من المالك أو نائبه أخذا مما مر فيما لو أخرج نصابا مرتين في ليلة ا هـ ع ش ( قول [ ص: 145 ] المتن قلت ) أي : كما قال الرافعي في قول الشارح وقوله هذا أي القطع في مسألة المتن ا هـ مغني ( قوله بأن علم ) أي : المالك النقب وقوله أو ظهر أي : النقب لهم أي : للطارقين ( قوله وفارق ) أي : ما هنا حيث اكتفى فيه بأحد الأمرين ( قوله ؛ لأنه ) أي الظهور ( قوله فلا يصلح ) أي : كل واحد من الثلاثة ( قوله وهنا ) عطف على ثم ( قوله لكنها مترتبة إلخ ) فيه ترتب الشيء على نفسه إذ الجزء الثاني من المركب المرتب عليه بالفتح هو عين المترتب بالكسر ( قوله نقب سابق وإخراج إلخ ) بالجر على أنهما بدل من جزأين أو بالرفع على أنهما خبر مبتدأ محذوف ( قوله فإن الفرق بمجرد أنه إلخ ) اقتصر على هذا الفرق المغني كما نبهنا عليه .

                                                                                                                              ( قوله وهو غلط ) أي : والصواب إثبات حرف النفي وهو موجود في خط المصنف قاله الأذرعي ا هـ مغني . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية