الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والذين يغلبون شرذمة بقوتهم قطاع في حقهم ) لاعتمادهم على الشوكة بالنسبة إليهم ( لا لقافلة عظيمة ) إذ لا قوة لهم بالنسبة إليهم فالشوكة أمر نسبي فلو وجدت بالنسبة لجمع يقاومونهم لكن استسلموا لهم حتى أخذوهم لم يكونوا قطاعا ؛ لأنهم مضيعون فلم يصدر ما فعله أولئك عن شوكتهم بل عن تفريط الآخرين كذا أطلقوه لكن بحث فيه الشيخان بأن مجرد العدد والعدة لا تحصل الشوكة بل لا بد معه من اتفاق الكلمة ومطاع وعزم على القتال وهذا شأن القطاع لا القوافل غالبا فليسوا مضيعين ولا ينبغي أن يخرج قاصدوهم عن كونهم قطاعا انتهى واعتمده جمع وعليه فالشوكة يكفي فيها فرض المقاومة بتقدير اجتماع الكلمة وما مر معه ثم رأيت البلقيني صرح به فإنه اعترض قولهما عن تصحيح الإمام وجزم الغزالي لو نالت كل من الأخرى فقطاع ، بأن الذي ظهر له من كلام الشافعي وأصحابه أنه متى كان احتمال غلبة القطاع غير نادر في حقهم كفى في إثبات عقوبة القاطع في حقهم غلبوا أم غلبوا لحصول إخافة السبيل بهم ( وحيث يلحق غوث ) يمنع شوكتهم لو استغاثوا ( ليسوا ) وفي نسخة ليس فالضمير للمذكور وهو ذو الشوكة ولكونه في معنى الجمع راعاه في قوله ( بقطاع ) بل منتهبون ( وفقد الغوث يكون للبعد ) عن العمران أو السلطان ( أو لضعف ) بأهل العمران أو بالسلطان أو بغيرهما كأن دخل جمع دارا وشهروا السلاح ومنعوا أهلها من الاستغاثة فهم قطاع في حقهم وإن كانوا بحضرة السلطان وقوته [ ص: 159 ] ( وقد يغلبون والحالة هذه ) أي وقد ضعف السلطان أو بعد هو أو أعوانه ( في بلد ) لعدم من يقاومهم من أهلها ( فهم قطاع ) كالذين بالصحراء وأولى لعظم جراءتهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 158 ] قوله كذا أطلقوه لكن بحث فيه الشيخان إلخ ) يمكن حمل الإطلاق على ما إذا تمكنوا من الدفع لتوفر أسباب ذلك من اجتماع الكلمة وغيره لكنهم أهملوا تلك الأسباب ، وأعرضوا عن مقتضاها فلا ينافي بحث الشيخين ( قوله بتقدير اجتماع الكلمة إلخ ) قال في شرح الإرشاد وتوهم بعضهم من كلام الشيخين أن شرط القطاع اتفاق الكلمة ومتبوع مطاع والعزم على القتال وليس كما زعم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو السلطان ) لعل الوجه التعبير [ ص: 159 ] بالواو ، وكذا قوله الآتي أو السلطان ، وتصحيح أو أن المراد وجود أحد الأمرين فقط .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن شرذمة ) بذال معجمة طائفة من الناس ا هـ مغني ( قول المتن قطاع في حقهم ) أي : وإن هربوا منهم وتركوا الأموال لعلمهم بعجز أنفسهم عن مقاومتهم .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لو ساقهم اللصوص مع الأموال إلى ديارهم كانوا قطاعا في حقهم أيضا كما قاله إبراهيم المروزي ا هـ مغني ( قولهم إليهم ) أي : الجماعة اليسيرة ا هـ مغني ( قول المتن لا لقافلة عظيمة ) أي : لا قطاع في حقهم ا هـ مغني ( قوله فلو وجدت إلخ ) عبارة النهاية فلو فقدت إلخ وهي المناسبة للتعليل الآتي ( قوله يقاومونهم ) أي : يقدرون على دفعهم ا هـ مغني ( قوله حتى أخذوهم إلخ ) عبارة المغني حتى قتلوا وأخذت أموالهم فمنتهبون لا قطاع وإن كانوا ضامنين لما أخذوه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كذا أطلقوه لكن بحث إلخ ) يمكن حمل الإطلاق على ما إذا تمكنوا من الدفع لتوفر أسباب ذلك من اجتماع الكلمة وغيره لكنهم أهملوا تلك الأسباب وأعرضوا عن مقتضاها فلا ينافي بحث الشيخين ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله واعتمده ) أي : البحث ( قوله فالشوكة يكفي فيها إلخ ) قال في شرح الإرشاد وتوهم بعضهم من كلام الشيخين أن شرط القطاع اتفاق الكلمة ومتبوع مطاع والعزم على القتال وليس كما زعم بل الشرط القوة والغلبة وإن كانت لا تحصل غالبا إلا بما ذكر انتهى ا هـ سم ( قوله وما مر معه ) أي : من المطاع والعزم ( قوله قولهما ) أي : الشيخين أي : مفهومه ( قوله لو نالت كل من الأخرى فقطاع ) مقول القول ( قوله بأن الذي إلخ ) متعلق باعترض ( قوله بل منتهبون ) إلى قول المتن وإذا في النهاية والمغني ( قوله أو السلطان ) قال ابن قاسم الوجه هنا وفي نظيره الآتي التعبير بالواو أي : كما في المغني أو أن المراد أن الموجود أحد الأمرين رشيدي و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ومنعوا أهلها إلخ ) ومن ذلك هؤلاء الذين يأتون للسرقة المسمون بالمنسر في زماننا فهم قطاع طريق والمنسر كمسجد ومقود خيل من المائة إلى المائتين ا هـ ع ش وقال الرشيدي قوله ومنعوا هذا قد يخرج اللصوص المسمين بالمناسر إذا جاهروا ولم يمنعوا الاستغاثة ا هـ وعبارة السيد عمر هل يعتبر المنع بالفعل أو يكفي أن يعلم من حالهم [ ص: 159 ] أنهم لو استغاثوا لأوقعوا بهم نحو قتل محل تأمل ا هـ أقول أخذا مما قدمنا عن المغني في حاشية قول المتن قطاع في حقهم أن الثاني هو الظاهر ( قول المتن وقد يغلبون ) أي : ذو الشوكة ا هـ مغني ( قوله كالذين بالصحراء إلخ ) عبارة المغني لوجود الشروط فيهم ولأنهم إذا وجب عليهم هذا الحد في الصحراء وهي موضع الخوف فلأن يجب في البلد وهي موضع الأمن أولى لعظم جراءتهم .

                                                                                                                              ( تنبيه ) أشعر كلامه بأنه لو تساوت الفرقتان لم يكن لهم حكم قطاع الطريق لكن الأصح في الروضة وأصلها خلافه ا هـ . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية