الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويمنع الذمي ) أي : الذكر المكلف ، ومثله معاهد ، ومستأمن كما هو ظاهر ( ركوب خيل ) لما فيها من العز [ ص: 298 ] والفخر لا في محلة انفردوا فيها غير دارنا على ما رجحه الزركشي كالأذرعي ، واعترض ، ويوجه بأن العز ينافي الذلة المضروبة عليهم في سائر الأمكنة ، والأزمنة إلا أن يقال : لا نظر لذلك مع كونهم بغير دارنا إذ لا عز فيه بالنسبة لنا ، وألحق بها تعليم من لم يرج إسلامه علوم الشرع ، وآلاتها إلا نحو علوم العربية على أن بعضهم عمم المنع ؛ لأن في ذلك تسليطا لهم على عوامنا ( لا ) براذين خسيسة كما قاله الجويني ، وغيره

                                                                                                                              قال الزركشي وهو حسن ، وعبارة أصل الروضة ، واستثنى الجويني البراذين الخسيسة ، وسكت عليه ففهم منه في الروض اعتماده فجزم به لكن قال الزركشي وغيره : الجمهور على أنه لا فرق

                                                                                                                              ولا من ركوب نفيسة زمن قتال استعنا بهم فيه كما بحثه الأذرعي ، ولا ركوب ( حمير ) نفيسة ( وبغال نفيسة ) لخستهما ، ولا عبرة بطرو عزة البغال في بعض البلدان على أنهم يفارقون من اعتاد ركوبها من الأعيان بهيئة ركوبهم التي فيها غاية التحقير ، والإذلال كما قاله ( ويركب ) ها عرضا بأن يجعل رجليه من جانب واحد ، وبحث الشيخان تخسيسه بسفر قريب في البلدان ( بإكاف ) ، أو برذعة ، وقد يشملها ( وركاب خشب لا حديد ) ، أو رصاص ( ولا سرج ) لكتاب عمر بذلك ، وليتميزوا عنا بما يحقرهم ، ومن ثم كان ذلك واجبا ، وبحث الأذرعي منعه من الركوب مطلقا في مواطن زحمتنا لما فيه من الإهانة ، ويمنعون من حمل السلاح ، وتختم ، ولو بفضة ، واستخدام مملوك فاره كتركي ، ومن خدمة الأمراء [ ص: 299 ] كما ذكرهما ابن الصلاح

                                                                                                                              واستحسنه في الأولى الزركشي ، ومثلها الثانية ، بل أولى قال ابن كج وغير الذكر البالغ أي : العاقل لا يلزم بصغار مما مر ، ويأتي كالجزية ، وعليه يستثنى نحو الغيار لضرورة التمييز ( ويلجأ ) وجوبا عند ازدحام المسلمين بطريق ( إلى أضيق الطرق ) لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك لكن بحيث لا يتأذى بنحو وقوع في وهدة ، أو صدمة جدار قال الماوردي ، ولا يمشون إلا أفرادا متفرقين ( تنبيه )

                                                                                                                              قضية تعبيرهم بالوجوب أخذا من الخبر أنه يحرم على المسلم عند اجتماعهما في طريق أن يؤثره بواسعه ، وفي عمومه نظر ، والذي يتجه أن محله إن قصد بذلك تعظيمه ، أو عد تعظيما له عرفا ، وإلا فلا وجه للحرمة لا يقال هذا من حقوق الإسلام فلا يسقط برضا المسلم كالتعلية ؛ لأنا نقول الفرق واضح بأن ذاك ضرره يدوم

                                                                                                                              وهذا بالقيدين اللذين ذكرتهما لا ضرر فيه ، ولئن سلم فهو ينقضي سريعا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أي : الذكر إلخ . ) [ ص: 298 ] يفيد أن الأنثى ، وغير المكلف لا يمنعون ( قوله : لا في محلة انفردوا فيها غير دارنا إلخ . ) عبارة الروض ، وشرحه فإن انفردوا ببلدة ، أو قرية في غير دارنا فوجهان ، ثم قال في شرحه : قال الأذرعي وهو أي : عدم المنع الأقرب إلى [ ص: 299 ] النص . ا هـ . ( قوله : وهذا بالقيدين إلخ . ) يتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ويمنع الذمي ) أي : في بلاد المسلمين ا هـ . مغني ( قوله : أي : الذكر ) إلى قوله : على ما رجحه في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله : ومثله إلى المتن

                                                                                                                              ( قوله : أي : الذكر إلخ ) يفيد أن الأنثى ، وغير المكلف لا يمنعون ا هـ سم .

                                                                                                                              [ ص: 298 ] أي : كما سينبه عليه الشارح ( قوله : والفخر ) عطف تفسير ا هـ . ع ش ( قوله : لا في محلة ) الأولى في محل ا هـ . سيد عمر عبارة النهاية نعم لو انفردوا في محل غير دارنا لم يمنعوا ا هـ . زاد المغني في أقرب الوجهين إلى النص كما قاله الأذرعي ا هـ . ( قوله : على ما رجحه الزركشي ) اعتمده الزيادي ( قوله : كالأذرعي ) أقره الأسنى

                                                                                                                              ( قوله : واعترض ) أي : ما رجحه الزركشي من استثناء غير دارنا ( قوله : ويوجه ) أي : الاعتراض ( قوله : بأن العز ) أي : في غير دارنا ( قوله : في سائر الأمكنة ) أي : في جميعها ( قوله : إلا أن يقال : إلخ ) اعتمده النهاية ، والمغني كما مر ( قوله : لذلك ) أي : العز ( قوله : وألحق بها ) أي : بالخيل في المنع ( قوله : تعليم من لم يرج إلخ ) من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول ( قوله : نحو علوم العربية إلخ ) شامل للصرف ، والنحو فليراجع ( قوله : لا براذين ) إلى قوله : قال الزركشي في النهاية ( قوله : كما قاله الجويني ) أقره النهاية ، والمغني وشيخ الإسلام

                                                                                                                              ( قوله : واستثنى الجويني ) ضعيف ، ولا يخلو من نظر اعتبارا بالجنس ا هـ حج ا هـ . ع ش ، ولعل ما نقله عن حج في غير التحفة ، وإلا فصنيعها كالأسنى ، والنهاية ، والمغني ترجيح الاستثناء ، واعتماده ( قوله : وسكت ) أي : أصل الروضة ( قوله : ففهم ) أي : صاحب الروض منه أي : السكوت ( قوله : في الروض ) الأولى حذف في ( قوله : على أنه لا فرق ) أي : في منع ركوب الخيل بين النفيس منها ، والخسيس ، وهو ظاهر كلام المصنف ا هـ . مغني ( قوله : ولا من ركوب نفيسة إلخ ) عطف على قوله : لا براذين إلخ بملاحظة المعنى ( قوله : نفيسة ) أي : من الخيل ا هـ . مغني ( قوله : زمن قتال إلخ ) وفاقا للنهاية ، والمغني ، وقال ع ش هو المعتمد ا هـ . ( قوله : استعنا بهم فيه ) أي : حيث يجوز ا هـ . مغني ( قوله : كما بحثه الأذرعي ) ظاهره ، وإن لم يتعين ذلك طريقا لنصر المسلمين ، وينبغي أن لا يكون مرادا ، وأن ذلك يغتفر للضرورة ا هـ . ع ش ( قوله : ولا ركوب حمير نفيسة ) أي : قطعا ، ولو رفيعة القيمة ا هـ مغني . ( قوله : نفيسة ) إلى قول المتن ، ولا يوقر في النهاية إلا قوله : وقد يشملها ، وقوله : ومن ثم كان ذلك واجبا ، وقوله : كالجزية إلى المتن ، وقوله : وفي عمومة نظر ، وقوله : بالقيدين اللذين ذكرتهما ( قول المتن : وبغال نفيسة ) أي : في الأصح ، وألحق الإمام والغزالي البغال النفيسة بالخيل ، واختاره الأذرعي ، وغيره ، فإن التحمل ، والتعاظم بركوبها أكثر من كثير من الخيل ، وقال البلقيني لا توقف عندنا في الفتوى بذلك ؛ لأنه لا يركبها في هذا الزمان في الغالب إلا أعيان الناس ، أو من يتشبه بهم انتهى ، ويمنع تشبههم بأعيان الناس ، أو من يتشبه بهم قول المصنف ، ويركب إلخ ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله : لخستهما ) أي : باعتبار الجنس ا هـ . رشيدي ( قوله : على أنهم إلخ ) قد يقال : إن ذلك موجود في الخيل أيضا ( قوله : ويركبها ) أي : البراذين الخسيسة ، والحمير ، والبغال ( قوله : عرضا ) إلى قوله : ومن ثم في المغني إلا قوله : وقد يشملها ( قوله : بأن يجعل رجليه إلخ ) أي : وظهره من جانب آخر ا هـ . مغني ( قوله : وبحث الشيخان إلخ ) أقره النهاية وشيخ الإسلام ، واستظهره المغني ، وضعفه ع ش وفاقا للزيادي ( قوله : بسفر قريب في البلد ) عبارة الشيخين بمسافة قريبة من البلد ا هـ . رشيدي ، وعبارة الأسنى قال في الأصل : ويحسن أن يتوسط فيفرق بين أن يركبوا إلى مسافة قريبة من البلد ، أو بعيدة فيمنعون في الحضر ا هـ . زاد المغني ، وهو ظاهر ا هـ . ( قوله : وليتميزوا عنا إلخ ) عبارة المغني ، والمغني فيه أن يتميز ، وإلخ ( قوله : مطلقا ) أي : عرضا ، أو مستويا ، والكلام في غير الخيل ا هـ . ع ش ( قوله : لما فيه من الإهانة ) أي : للمسلمين عبارة الأذرعي من الأذى ، والتأذي ا هـ . رشيدي ( قوله : ويمنعون ) إلى التنبيه في المغني إلا قوله : ، واستحسنه إلى قال ، وقوله : وجوبا ( قوله : من حمل السلاح ) قال الزركشي ولعل منعه من حمل السلاح محمول على الحضر ، ونحوه دون الأسفار المخوفة ، والطويلة مغني ، وأسنى ( قوله : واستخدام مملوك فاره ) قال في المختار : الفاره الحاذق ، والمليح الحسن من الناس ا هـ . ، ولعل الثاني هو المراد بقرينة التمثيل له بالتركي ا هـ . ع ش ( قوله : ومن خدمة الأمراء ) مصدر مضاف لمفعوله ، والمراد بخدمتهم إياهم الخدمة بالمباشرة ، والكتابة ، وتولية المناصب ، ونحو [ ص: 299 ] ذلك كما هو ، واقع وللسيوطي في ذلك تصنيف حافل ا هـ . رشيدي عبارة ع ش أي : خدمة تؤدي إلى تعظيمهم كاستخدامهم في المناصب المحوجة إلى تردد الناس إليهم ، وينبغي أن المراد بالأمراء كل من له تصرف في أمر عام يقتضي تردد الناس عليه كنظار الأوقاف الكبيرة ، وكمشايخ الأسواق ، ونحوهما ، وأن محل الامتناع ما لم تدع ضرورة إلى استخدامه بأن لا يقوم غيره من المسلمين مقامه في حفظ المال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كما ذكرهما ) أي : المنع من الاستخدام ، والمنع من الخدمة المذكورين ( قوله : قال ابن كج إلخ ) محترز قوله : أي : الذكر المكلف ، وكان الأولى أن يقول أما غير الذكر البالغ إلخ ا هـ . ع ش عبارة المغني أما النساء ، والصبيان ، ونحوهما فلا يمنعون من ذلك كما لا جزية عليه حكاه في أصل الروضة عن ابن كج ، وأقره ا هـ . ( قوله : نحو الغيار ) كالزنار ، والتمييز في الحمام ا هـ . مغني ( قوله : ولا يمشون ) أي : وجوبا ا هـ .ع ش ( قوله : لا يقال : هذا ) أي : الإلجاء ( قوله : بأن ذاك ) أي : التعلية ( قوله : وهذا بالقيدين إلخ ) أي : بمفهومهما من عدم قصد التعظيم ، وأن لا يعد تعظيما في العرف ( قوله : ولئن سلم ) أي : الضرر ، والحاصل أن التعلية مشتملة على أمرين الضرر ، ودوامه ، وهما منتفيان فيما نحن فيه ، أو أحدهما رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية