الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              وأركان السرقة الموجبة للقطع سرقة ، كذا وقع في عباراتهم وهو صحيح إذ المراد بالسرقة الثانية مطلق الأخذ خفية وبالأولى الأخذ خفية من حرز ، وسارق ومسروق ولطول الكلام فيه بدأ به فقال ( يشترط لوجوبه في المسروق ) أمور ( كونه ربع دينار ) أي مثقال ذهبا مضروبا كما في الخبر المتفق عليه وشذ من قطع بأقل منه وخبر { لعن الله السارق يسرق البيضة أو الحبل فتقطع يده } إما أريد بالبيضة فيه بيضة الحديد وبالحبل ما يساوي ربعا أو الجنس أو أن من شأن السرقة أن صاحبها يتدرج من القليل إلى الكثير حتى تقطع يده ( خالصا ) وإن تحصل من مغشوش

                                                                                                                              [ ص: 125 ] بخلاف الربع المغشوش لأنه ليس ربع دينار حقيقة ( أو ) كونه فضة كان أو غيرها يساوي ( قيمته ) بالذهب المضروب الخالص حال الإخراج من الحرز

                                                                                                                              فإن لم تعرف قيمته بالدنانير قوم بالدراهم ثم هي بالدنانير فإن لم يكن بمحل السرقة دنانير انتقل لأقرب محل إليها فيه ذلك كما هو قياس نظائره ، ولو اختلفت قيمة نقدين خالصين اعتبر أدناهما كما قاله الدارمي لوجود الاسم أي ومعه لا نظر لدرء الحد بالشبهة لأن شرطها أن تكون قوية ولا قوة لها مع صدق الاسم بأنه أخذ ما يساوي نصابا ويفرق بينه وبين ما لو شهدت بينة بأنه نصاب وأخرى بأنه دونه فلا قطع بأن هنا تعارضا أوجب إلغاءهما في الزائد على الأقل فلم يوجد الاسم ، بخلافه في مسألتنا وبينه وبين ما مر فيما لو نقص نصاب الزكاة في بعض الموازين الظاهر جريانه هنا أيضا بأن الوزن أمر حسي والتقويم أمر اجتهادي واختلاف الحسي أقوى فأثر دون اختلاف الاجتهادي

                                                                                                                              وأما قول الماوردي إن كان ثم أغلب اعتبر وإلا فوجهان فيرد وإن قال الزركشي أنه الأحسن ، بأن الغلبة لا دخل لها هنا مع النظر إلى ما مر من صدق الاسم وبأنه مع الاستواء لم يرجح شيئا فتعين ما أطلقه الدارمي ولا بد من قطع المقوم بأن يقول قيمته كذا قطعا وإن كان مستند شهادته الظن ، وبه فارق شاهدي القتل فإن مستند شهادتهما المعاينة فلم يحتج للقطع منهما وإن استوى البابان في أن الشهادة في كل إنما تفيد الظن لا القطع فاندفع ما للبلقيني هنا وهل وجوب ذكر القطع بالقيمة يختص بما هنا رعاية للحد الواجب الاحتياط له أو يعم كل شهادة بقيمة لما تقرر من الفرق كل محتمل والثاني أقرب لتصريح الشيخين نقلا عن الإمام بأن التقويم تارة ينشأ عن الاجتهاد وتارة ينشأ عن القطع أي فإذا قال قيمته كذا

                                                                                                                              [ ص: 126 ] احتمل أنه عن الاجتهاد وهو لا يكفي فوجب التصريح بما يدفع هذا الاحتمال وأن لا يتعارض بينتان وإلا أخذ بالأقل وذلك { لأنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم } وكان الدينار إذ ذاك اثني عشر درهما .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 125 ] بخلاف الربع المغشوش إلخ ) ينبغي في مغشوش لا يبلغ خالصه نصابا لكن إذا قوم غشه وضم إلى الخالص بلغ المجموع نصابا أن يقطع به ( قوله اعتبر أدناهما كما قاله الدارمي ) لكن الأوجه تقويمه بالأعلى درءا للقطع م ر ش ( قوله بأن الغلبة لا دخل لها إلخ ) دعوى بلا دليل بل الدليل عليها هو قياس النظائر ( قوله فتعين ما أطلقه الدارمي ) هذا التفريع لا وجه له [ ص: 126 ] قوله احتمل أنه عن الاجتهاد ) قضيته أنه لو علم أنه عن الاجتهاد لم يكف وهو خلاف ظاهر قوله السابق والتقويم أمر اجتهادي وقوله وإن كان مستند شهادته الظن .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وأركان السرقة ) إلى قوله ولو اختلفت في النهاية ( قوله في عباراتهم ) أي : كشرح المنهج ( قوله وهو صحيح ) أي : ما وقع في عبارتهم ( قوله إذ المراد إلخ ) حاصله أن المراد بالسرقة الأولى الشرعية وبالثانية اللغوية فلا تهاون ا هـبجيرمي ( قوله الأخذ خفية من حرز ) أي : إلى آخره ا هـ سم ( قول المتن ربع دينار ) وربع الدينار يبلغ الآن نحو ثمانية وعشرين نصف فضة ا هـ ع ش ( قوله كما في الخبر المتفق عليه ) عبارة المغني وشرح المنهج لخبر مسلم { لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا } ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وشذ من قطع إلخ ) عبارة المغني وقال ابن بنت الشافعي يقطع بسرقة القليل ولا يشترط النصاب لعموم الآية وللصحيح لعن الله إلخ وأجيب عن الآية بأنها مخصوصة بالحديث وعما في الصحيح بأجوبة أحدها ما قاله الأعمش كانوا يرون أنها بيضة الحديد والحبل الذي يساوي دراهم كحبل السفينة رواه البخاري عنه والثاني حمله على جنس البيض والحبال والثالث أن المراد أن ذلك يكون سببا وتدريجا من هذا إلى ما تقطع فيه يده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إما أريد إلخ ) خبر قوله [ ص: 125 ] وخبر لعن الله إلخ ( قوله بخلاف الربع المغشوش إلخ ) ينبغي في مغشوش لا يبلغ خالصه نصابا لكن إذا قوم غشه وضم إلى الخالص بلغ المجموع نصابا أن يقطع به سم ا هـ ع ش وقليوبي ( قوله حال الإخراج إلخ ) أي : فلو نقصت قيمته بعد ذلك لم يسقط القطع ا هـ مغني عبارة الزيادي وتعتبر مساواته للربع عند الإخراج من الحرز فلا تقطع بما نقص عند الإخراج وإن زاد بعد بخلاف عكسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإن لم يكن بمحل السرقة إلخ ) يعني بأن كانوا لا يتعارفون التعامل بها كما هو ظاهر ا هـ رشيدي ( قوله إليها ) الأولى التذكير كما في المغني ( قوله فيه ذلك ) أي : في ذلك الأقرب الدنانير ( قوله ولو اختلفت قيمة نقدين إلخ ) عبارة المغني ويراعى في القيمة المكان والزمان لاختلافها بهما ولو كان في البلد نقدان خالصان من الذهب وتفاوتا قيمة اعتبرت القيمة بالأغلب منهما في زمان السرقة فإن استويا استعمالا فبأيهما يقدم وجهان أحدهما بالأدنى اعتبارا بعموم الظاهر والثاني بالأعلى في المال دون القطع للشبهة نقل ذلك الزركشي عن الماوردي واستحسنه وأطلق الدارمي أن الاعتبار بالأدنى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قيمة نقدين ) أي : من النقود التي يقتضي الحال التقويم بها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله اعتبر أدناهما إلخ ) لكن الأوجه تقويمه بالأعلى درءا للقطع وعليه فلا قطع نهاية ا هـ سم وتقدم عن المغني ما يميل إليه ( قوله لوجود الاسم ) أي اسم الربع ا هـ ع ش ( قوله ومعه ) أي : مع وجود الاسم ( قوله ؛ لأن شرطها ) أي : الشبهة التي يدرأ بها الحد ولو ذكر الضمير لكان أولى ( قوله بأنه إلخ ) متعلق بصدق الاسم ولعل الباء سببية ولو قال مع صدق اسم أنه أخذ إلخ كان أخصر وأوضح ( قوله ويفرق إلخ ) وقد يقال إنه لا يحتاج إلى الفرق هنا إذ المعتبر في كل منهما الأقل ( قوله بينه ) أي : بين القطع بالأدنى هنا ( قوله وبين ما لو شهدت بينة إلخ ) أي : الآتي في آخر السوادة ( قوله بخلافه ) أي : الاسم ( قوله وبينه ) أي : اعتبار أدنى النقدين هنا ( قوله فأثر ) أي : فلم تجب فيه الزكاة ا هـ ع ش ( قوله اعتبر ) أي : أغلب النقدين في القطع ( قوله أنه الأحسن ) أي : قول الماوردي .

                                                                                                                              ( قوله بأن الغلبة لا دخل لها إلخ ) دعوى بلا دليل بل الدليل عليها هو قياس النظائر ا هـ سم ( قوله وبأنه لم يرجح إلخ ) أي : الماوردي ولا يخفى ما في دعوى حصول الرد به ( قوله مع الاستواء ) أي : استواء النقدين استعمالا ( قوله فتعين إلخ ) هذا التفريع لا وجه له ا هـ سم ( قوله ما أطلقه إلخ ) أي : من اعتبار أدنى النقدين الشامل لكل من صورتي الغلبة والاستواء ( قوله ولا بد ) إلى قوله وبه فارق في المغني إلا قوله بأن يقول قيمته كذا قطعا وإلى المتن في النهاية إلا قوله بأن يقول قيمته كذا قطعا وقوله وهل إلى وأن لا يتعارضا ( قوله ولا بد من قطع المقوم ) أي : مع أن الشهادة لا تقبل إلا به مغني وأسنى .

                                                                                                                              ( قوله بأن يقول قيمته كذا قطعا إلخ ) في شرح الروض ما يشعر بأن الشرط أن لا يصرحوا بالاستناد إلى الظن بأن يقولوا نظن لا أنه يشترط ذكر لفظ القطع ا هـ سيد عمر ( قوله مستند شهادته ) أي التقويم ( قوله وبه فارق إلخ ) الأولى حذف به ؛ لأن الضمير فيها راجع لقطع المقوم وهذا هو نفس الحكم المحتاج للفرق ، والفرق إنما حصل بقوله فإن مستند شهادتهما المعاينة إلخ ا هـ ع ش أقول والظاهر أن مرجع الضمير العموم الذي أفاده قوله وإن كان إلخ فلا إشكال ( قوله فارق ) أي شاهد التقويم ( قوله شاهدي القتل ) أي : حيث اكتفى منهما بقولهما قتله ولم يكتف هنا بقولهما سرق ما قيمته كذا بل لا بد من قولهما قيمته كذا قطعا أو يقينا مثلا ا هـ ع ش ( قوله لما تقرر من الفرق ) وهو قوله وبه فارق إلخ ا هـ كردي ( قوله بأن التقويم ) أي : مطلق التقويم [ ص: 126 ] الشامل لما هنا وغيره ( قوله احتمل أنه عن الاجتهاد إلخ ) قضيته أنه لو علم أنه عن الاجتهاد لم يكف وهو خلاف ظاهر قوله السابق والتقويم أمر اجتهادي وقوله وإن كان مستند شهادته الظن ا هـ سم أقول عبارة الروض مع شرحه وغير ذلك من العروض والدراهم يقوم بذهب أي دينار تقوم قطع من المقومين لا تقويم اجتهاد منهم للحد أي لأجله فلا بد لأجله من القطع بذلك ا هـ صريحة في تلك القضية ( قوله وأن لا يتعارض بينتان وإلا أخذ بالأقل ) عطف على قوله قطع المقوم إلخ ( قوله وإلا إلخ ) أي : وإن تعارضتا أخذ بالأقل فلا قطع وإن كانت بينة الأكثر أكثر عددا ؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة ا هـ ع ش ( قوله أخذ بالأقل ) أي : بالأقل من القيمتين فلو شهد اثنان بأنه نصاب وآخران بدونه فلا قطع ا هـ كردي ( قوله وذلك إلخ ) راجع إلى قول المتن أو قيمته ( قوله في مجن ) أي : ترس أو درقة ا هـ ع ش . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية