الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وصبيان أو مجنونان ) أو صبي ومجنون ( ككاملين ) في تفصيلهما المذكور ومنه وجوب الدية مغلظة إن كان لهما نوع تمييز لأن الأصح أن عمدهما حينئذ عمد ( وقيل إن أركبهما الولي ) لغير ضرورة ( تعلق به ) أو بعاقلته ( الضمان ) لما فيه من الخطر وجوازه مشروط بسلامة العاقبة والأصح المنع إن أركبهما لمصلحتهما وإلا لامتنع الأولياء عن تعاطي مصالح المولى [ ص: 20 ] نعم إن أركبه ما يعجز عن ضبطها عادة لكونها جموحا أو لكونه ابن سنة مثلا ضمنه وهو هنا ولي الحضانة الذكر لا ولي المال على ما بحثه البلقيني وخالفه تلميذه الزركشي في شرح المنهاج فقال يشبه أنه من له ولاية تأديبه من أب وغيره حاضن وغيره وفي الخادم فقال ظاهر كلامهم أنه ولي المال انتهى وهو الأوجه

                                                                                                                              ( ولو أركبهما أجنبي ) بغير إذن الولي ولو لمصلحتهما ( ضمنهما ودابتيهما ) إجماعا لتعديه فتضمنهما عاقلته ويضمن هو دابتيهما في ماله وهذا ظاهر فمثله لا يعترض به نعم إن تعمد الاصطدام وهما مميزان ومثلهما يضبط الدابة أحيل الهلاك عليهما لأن عمدهما عمد ( أو ) اصطدم ( حاملان وأسقطتا ) وماتتا ( فالدية كما سبق ) من أن على عاقلة كل نصف دية الأخرى ( وعلى كل أربع كفارات على الصحيح ) واحدة لنفسها وأخرى لجنينها وأخريان لنفس الأخرى وجنينها لأنهما اشتركا في إهلاك أربعة أنفس ( وعلى عاقلة كل نصف غرتي جنينيهما ) لأن الحامل إذا جنت على نفسها فأجهضت لزم عاقلتها الغرة كما لو جنت على أخرى وإنما لم يهدر من الغرة شيء لأن الجنين أجنبي عنهما ومن ثم لو كانتا مستولدتين والجنينان من سيديهما سقط عن كل منهما نصف غرة جنين مستولدته لأنه حقه إلا إذا كان للجنين جدة لأم وارثة ولا يرث معه غيرها وكانت قيمة كل تحتمل نصف غرة فأكثر إذ السيد لا يلزمه الفداء بالأقل كما يأتي فلها السدس وقد أهدر النصف لأجل عدم استحقاق سيد بنتها أرش جنايتها [ ص: 21 ] فيتمم لها السدس من ماله قيل أوهم المتن تعين وجوب قن نصفه لهذا ونصفه لهذا فلو قال نصف غرة لهذا ونصف غرة لهذا لأفاد جواز تسليم نصف عن هذا ونصف عن هذا انتهى ولك أن تقول إن تساوت الغرتان من كل وجه صدق نصفهما على كل منهما وإلا لم يصدق النصف حقيقة إلا على نصف من هذا ونصف من هذا فلا إيهام ولا اعتراض

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لأن الأصح أن عمدهما حينئذ عمد ) هذا لا ينافي أن الإتلاف بالاصطدام شبه عمد فتأمله ( قول المتن وقيل إن أركبهما الولي إلخ ) قال في العباب ، ولو أركبه الأجنبي فاصطدم هو وبالغ وماتا فنصف دية الصبي على عاقلة الفضولي ونصفها على عاقلة البالغ ولم أجد [ ص: 20 ] لحكم دية البالغ ذكرا و يظهر لي أن نصفها على عاقلة الفضولي ونصفها هدر ا هـ . ( قوله وخالفه تلميذه الزركشي في شرح المنهاج إلخ ) عبارة م ر قال الزركشي في شرح المنهاج يشبه أنه من له ولاية تأديبه من أب وغيره حاضن وغيره وفي الخادم ظاهر كلامهم أنه ولي المال والثاني أوجه ا هـ

                                                                                                                              ( قول المتن ولو أركبهما أجنبي إلخ ) قال في الروض أو أجنبيان كل واحدا فعلى عاقلة كل نصف ديتهما وعلى كل نصف قيمة الدابتين وما أتلفته دابة من أركبه ا هـ وينبغي أن يكون كالأجنبيين في هذا التفصيل الوليان حيث أركباهما لمصلحتهما . ( قوله أحيل الهلاك عليهما إلخ ) كما في الوسيط واستحسنه الشيخان قال في شرح الروض عقب ذلك وقضية كلام الجمهور أن ضمان المركوب كذلك ثابت ، وإن كان الصبيان ممن يضبطان المركوب وقضية نص الأم أنهما إن كانا كذلك فهما كما لو ركبا بأنفسهما وبه جزم البلقيني أخذا من النص المشار إليه ا هـ وقضية كلام المصنف هنا كغيره خلاف ما في الوسيط وخلاف ما جزم به البلقيني .

                                                                                                                              ( قوله ومن ثم لو كانتا مستولدتين ) فإن جنايتهما على سيدهما . ( قوله غرة إلخ ) أي فإن لم يحتمل ذلك لم يلزمه إلا قدر قيمتها فيكون ما يخص الحرة أقل من سدس الغرة وما على سيد بنتها أقل من نصف السدس [ ص: 21 ] قوله فيتمم لها السدس ) لأن جنايتها إنما تهدر بالنسبة له لأنه لا يجب عليها شيء لا بالنسبة لغيره كالجدة فلها نصف السدس من النصف الذي لزم سيد الأخرى ونصف السدس على سيد بنتها . ( قوله تعين وجوب قن ) أي على عاقلة كل .

                                                                                                                              ( قوله صدق نصفهما إلخ ) أقول هذا الصدق إن لم يؤكد الإيهام المذكور ما دفعه . ( قوله صدق نصفهما على كل منهما ) أقول لا يخفى عدم اندفاع الإيهام المذكور على هذا التقدير سواء أراد بضمير التثنية في قوله على كل منهما الغرتين أو الصورتين أعني قنا نصفه لهذا ونصفه لهذا وتسليم نصفه عن هذا ونصفه عن هذا إذ من لازم صدقه نفس لهذا نصفه وللآخر نصفه احتمال إرادته فقط ولا معنى للإيهام إلا ذلك وقوله وإلا لم يصدق النصف حقيقة إلخ لا يخفى منعه إذ لا خفاء أن أعلى الغرتين يصدق عليها حقيقة أدنى الغرتين إذ الزيادة على أقل ما يجب لا تمنع الإجزاء ولا صدق الواجب وحينئذ فيصدق على أعلى القنين الذي جعل نصفه عن هذا ونصفه عن هذا أنه نصف غرتي الجنينين فيحتمل إرادته فقط ، وهذا معنى الإيهام فانظر مع ذلك قوله ولا إيهام ولا اعتراض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وصبيان إلخ ) قال في العباب ولو أركبه الأجنبي فاصطدم هو وبالغ وماتا فنصف دية الصبي على عاقلة الفضولي ونصفها على عاقلة البالغ ولم أجد لحكم دية البالغ ذكرا ويظهر لي أن نصفها على عاقلة الفضولي ونصفها هدر انتهى ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله أو صبي ) إلى قوله وهو هنا في النهاية والمغني ( قول المتن ككاملين ) هذا إن ركبا بأنفسهما وكذا إن أركبهما وليهما لمصلحتهما وكانا ممن يضبط المركوب ا هـ مغني ( قوله لأن الأصح أن عمدها إلخ ) هذا لا ينافي أن الإتلاف بالاصطدام شبه عمد فتأمله ا هـ سم ( قوله لغير ضرورة ) عبارة المغني محل الخلاف كما نقلاه عن الإمام وأقراه ما إذا أركبهما لزينة أو لحاجة غير مهمة فإن أرهقت إلى إركابهما حاجة [ ص: 20 ] كنقلهما من مكان إلى مكان فلا ضمان عليه قطعا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم إن أركبهما ما يعجز إلخ ) قال البلقيني وينبغي أن يضاف إلى ما ذكر أن لا ينسب الولي إلى تقصير في ترك من يكون معهما ممن جرت العادة بإرساله معهما ا هـ مغني ( قوله مثلا ) أي أو سنتين ا هـ مغني ( قوله ضمنه ) أي ولزمه كفارتان م ر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله على ما بحثه البلقيني ) وهو الأوجه ا هـ مغني ( قوله أنه من له ولاية تأديبه ) اعتمده النهاية ا هـ سيد عمر وع ش ( قوله من أب وغيره ) ومنه الأم حيث فعلت ذلك لمصلحة عند غيبة الولي والمعلم والفقيه ا هـ ع ش ( قول المتن ولو أركبهما أجنبي إلخ ) قال في الروض أو أجنبيان كل واحدا فعلى عاقلة كل نصف ديتهما وعلى كل نصف قيمة الدابتين وما أتلفته دابة من أركبه ا هـ وينبغي أن يكون كالأجنبيين في هذا التفصيل الوليان حيث أركباهما لا لمصلحتهما ا هـ سم ( قول المتن أجنبي ) ومنه الولي إذا أركبهما لغير مصلحة كما هو ظاهر مما مر ا هـ رشيدي عبارة ع ش ولو كان أي الأجنبي صبيا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بغير إذن الولي ) إلى قوله وهذا ظاهر في المغني وكذا في النهاية إلا قوله إجماعا ( قوله ولو لمصلحتهما ) عبارة المغني وإن وقع الصبي فمات ضمنه المركب كما قاله الشيخان وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون إركابه لغرض من فروسية ونحوها أو لا وهو كذلك في الأجنبي بخلاف الولي فإنه إذ أركبه لهذا الغرض وكان ممن يستمسك على الدابة لا يضمنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهذا ) أي استعمال ضمنهما ودابتيهما في التفصيل والتوزيع المذكور .

                                                                                                                              ( قوله أحيل الهلاك عليهما ) خالفه المغني والنهاية فقالا وشمل إطلاقه أي المتن تضمين الأجنبي ما لو تعمد الصبيان الاصطدام وهو كذلك وإن قال في الوسيط يحتمل إحالة الهلاك عليهما بناء على أن عمدهما عمد واستحسنه الشيخان لأن هذه المباشرة ضعيفة فلا يعول عليها كما قاله شيخي وقضية كلام الجمهور إن ضمان المركب بذلك ثابت وإن كان الصبيان ممن يضبطان المركوب هو كذلك وإن كان قضية نص الأم أنهما إن كانا كذلك فهما كما لو ركبا بأنفسهما وجزم به البلقيني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وماتتا ) إلى قوله ومن ثم في المغني وإلى قوله فإن أثر في النهاية إلا قوله وارثة ولا يرث معه غيرها ( قوله من أن عاقلة إلخ ) أي وإنه يهدر النصف الآخر لأن الهلاك منسوب إليهما ا هـ مغني ( قوله وإنما لم يهدر من الغرة شيء ) أي بخلاف الدية فإنه يجب نصفها ويهدر نصفها كما مر ا هـ مغني ( قوله عنهما ) أي الحاملين ( قوله ومن ثم لو كانتا مستولدتين إلخ ) فإن جنايتهما على سيدهما ا هـ سم ( قوله عن كل منهما ) أي السيدين ا هـ ع ش ( قوله وارثة ) صفة جدة ( قوله ولا يرث معه غيرها ) أي لا يتصور إرث غيرها ا هـ رشيدي ( قوله معه ) أي السيد ( قوله قيمة كل ) أي من المستولدتين ( قوله تحتمل نصف غرة ) أي فإن لم تحتمل ذلك لم يلزمه إلا قدر قيمتها فيكون ما يخص الجدة أقل من سدس الغرة وما على سيد بنتها منه أقل من نصف السدس سم ورشيدي ( قوله أرش جنايتها ) أي على نفسها ( قوله [ ص: 21 ] فيتمم لها السدس ) أي لأن جنايتها إنما تهدر بالنسبة له لأنه لا يجب له عليها شيء لا بالنسبة لغيره كالجدة فلها نصف السدس من النصف الذي لزم سيد الأخرى ونصف السدس على سيد بنتها سم ورشيدي وع ش ( قوله قيل أوهم المتن إلخ ) وافقه المغني ( قوله تعين وجوب قن ) أي على عاقلة كل ا هـ سم ( قوله ولك أن تقول إلخ ) نازع فيه ابن قاسم ا هـ رشيدي ( قوله إن تساوت الغرتان ) أي بأن اتفق دين أمهما ا هـ ع ش ( قوله صدق نصفهما إلخ ) أقول هذا الصدق إن لم يؤكد الإيهام ما دفعه ا هـ سم ( قوله على كل منهما ) أي من الصورتين ( قوله فلا إيهام إلخ ) نظر فيه سم راجعه




                                                                                                                              الخدمات العلمية