الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5161 [ 2804 ] وعن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة - هو ابن أبي وقاص - قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب ، عليهم ثياب الصوف ، فوافقوه عند أكمة ، فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ، قال : فقالت لي نفسي : ائتهم فقم بينهم وبينه ، لا يغتالونه ، قال : ثم قلت : لعله نجي معهم ، فأتيتهم فقمت بينهم وبينه ، قال : فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي ، قال : تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ، ثم تغزون الدجال فيفتحها الله . قال : وقال نافع : يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 337 و 338) ، ومسلم (2900) ، وابن ماجه (4091) .

                                                                                              [ ص: 237 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 237 ] و (قوله : أتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب - يعني : من قبل مغرب المدينة - عليهم ثياب الصوف ) هذا لباس أهل البادية ، والأكمة : القطعة الغليظة من الرمل . ووافقوه : وقفوا أمامه ، فوقف لهم ، أو استدعوا منه ذلك .

                                                                                              و (قوله : قالت لي نفسي : ائتهم فقم بينهم ) كذا الرواية المعروفة ، وفي بعض الروايات : إذ قالت لي نفسي ائتهم - بزيادة إذ - ومعنى ائتهم : جئهم . ويغتالونه : يقتلونه غيلة ; أي : خديعة . والنجي : المناجي ، وهو المتحدث في خلوة .

                                                                                              و (قوله : " تغزون فارس فيفتحها الله . . . الحديث إلى آخره ") هذا الخطاب وإن كان لأولئك القوم الحاضرين فالمراد هم ومن كان على مثل حالهم من الصحابة والتابعين الذين فتحت بهم تلك الأقاليم المذكورة ، ومن يكون بعدهم من أهل هذا الدين الذين يقاتلون في سبيل الله إلى قيام الساعة . ويرجع معنى هذا الحديث إلى الحديث الآخر الذي قال فيه : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى قيام الساعة " .

                                                                                              [ ص: 238 ] و (قوله : " ثم تغزون الدجال فيفتحها الله ") وقد وقع في بعض النسخ : فيفتحه ، بضمير المذكر ، فيحتمل أنه يعني بذلك قتل الدجال نفسه الذي يكون على يدي عيسى ابن مريم - عليه السلام - كما تقدم ، وكما يأتي . ويحتمل أن يعود على ملكه . ووجدته في أصل الشيخ : فيفتحها الله ، بضمير المؤنث ، فيعني بذلك مملكته أو أرضه التي يغلب عليها .

                                                                                              وجزيرة العرب : أرضهم التي نشؤوا فيها ، وسميت جزيرة ; لأنها مجزورة بالبحار والأنهار ; أي : مقطوعة بها . والجزر : هو القطع . وقيل : لأنها جزرت بالبحار التي أحدقت بها ، وقد تقدم القول فيها في الجهاد .




                                                                                              الخدمات العلمية