الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5156 [ 2800 ] وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشأم مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم . شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 262) ، ومسلم (2896) ، وأبو داود (3035) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ") كذا الرواية المشهورة بغير إذا ، فيكون ماضيا بمعنى الاستقبال ، كما قال تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه [ النحل : 1 ] أي : يأتي . وكقوله : وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس [ المائدة : 116 ] يعني : إذ يقول . ومثله كثير ، وقد رواه ابن ماهان : " إذا منعت " وهو أصل الكلام . غير أنه يحتاج إلى جواب إذا ، ويحتمل ذلك وجهين :

                                                                                              أحدهما : أن يكون الجواب : عدتم من حيث بدأتم ، وتكون الواو زائدة . كما قال امرؤ القيس : [ ص: 230 ]

                                                                                              فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى . . . . . . . . . . . . . .

                                                                                              أي : لما أجزنا انتحى ، فزاد الواو . ويحتمل أن يكون جواب إذا محذوفا ، تقديره : إذا كانت هذه الأمور جاءت الساعة ، أو ذهب الدين . ونحو ذلك ، والله أعلم . وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم مكيال كل قوم باسمه المعروف عندهم دليل على أنه كان يعرف كلام الناس ، وإن بعدت أقطارهم واختلفت عباراتهم . وقد ثبت أنه كان يخاطب كل قوم بلغتهم في غير موضع ، وهذا منه إخبار بأن أمور الدين وقواعده يترك العمل بها لضعف القائم بها ، أو لكثرة الفتن واشتغال الناس بها ، وتفاقم أمر المسلمين ، فلا يكون من يأخذ الزكاة ولا الجزية ممن وجبت عليه ، فيمتنع من وجب عليه حق من أدائه . والله تعالى أعلم .

                                                                                              و (قوله : " وعدتم من حيث بدأتم ") أي : رجعتم على الحالة الأولى التي كنتم عليها من فساد الأمر وافتراق الكلمة ، وغلبة الأهواء ، وذهاب الدين .

                                                                                              و (قوله : شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه ) أي : صدق بهذا الحديث وشهد بصدقه كل جزء في أبي هريرة . ومعناه بأن هذا الحديث حق في نفسه ، ولا بد من وقوعه .




                                                                                              الخدمات العلمية