الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              288 [ 147 ] وفي أخرى : فيقول إبراهيم : لست بصاحب ذلك . إنما كنت خليلا من وراء وراء . وفيها : فيأتون محمدا . فيقوم فيؤذن له . وترسل الأمانة والرحم ، فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق قال : قلت : بأبي أنت وأمي ! أي شيء كمر البرق ؟ قال : ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير ، وشد الرجال . تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط يقول : رب ! سلم سلم . حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا . قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة ، مأمورة بأخذ من أمرت به . فمخدوش ناج ومكردس في النار . والذي نفس أبي هريرة بيده ! إن قعر جهنم لسبعين خريفا .

                                                                                              وروي أيضا عن حذيفة .

                                                                                              رواه مسلم ( 195 ) عن أبي هريرة وعن حذيفة رضي الله عنهما .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " تجري بهم أعمالهم ") يعني : أن سرعة مرهم على الصراط بقدر أعمالهم ، ألا تراه كيف قال : " حتى تعجز أعمال العباد " ، و " شد الرجال " جريهم الشديد ، جمع رجل . وعند ابن ماهان " الرحال " بالحاء المهملة ، وكأنه سميت الراحلة بالرحل ثم جمع ، يريد : كجري الرواحل ، وفيه بعد .

                                                                                              و " الزحف " مشي الضعيف ، يقال : زحف الصبي يزحف على الأرض قبل أن يمشي ، وزحف البعير إذا أعيا فجر فرسنه . و " الكلاليب " جمع كلوب على فعول ، نحو [ ص: 440 ] سفود ، وهي التي سماها فيما تقدم خطاطيف و " مكردس " بمعنى : مكدوس ، يقال : كردس الرجل خيله إذا جمعها كراديس ; أي : قطعا كبارا . ويحتمل أن يكون معناه المكسور فقار الظهر . ويحتمل أن يكون من الكردسة ، وهو الوثاق ، يقال : كردس الرجل ، جمعت يداه ورجلاه ، حكاه الجوهري .

                                                                                              و (قوله : " لسبعين خريفا ") تفسيره في الحديث الآخر ; إذ قال : " إن الصخرة العظيمة لتلقى في شفير جهنم ، فتهوي فيها سبعين عاما " . و " الخريف " أحد فصول السنة ، وهو الذي تخترف فيه الثمار ، والعرب تذكره كما تذكر المساناة والمشاهرة ، يقال : عاملته مخارفة ; أي : إلى الخريف . والأجود رفع " لسبعون " على الخبر ، وبعضهم يرويه : " لسبعين " يتأول فيه الظرف ، وفيه بعد .




                                                                                              الخدمات العلمية