الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5323 7 - حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وهو يوعك وعكا شديدا، وقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا. قلت: إن ذاك بأن لك أجرين قال: أجل ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "وهو يوعك وعكا شديدا" لأن الوعك الذي هو الحمى مرض شديد.

                                                                                                                                                                                  ومحمد بن يوسف هو الفريابي، وسفيان هو الثوري، والأعمش هو سليمان، وإبراهيم التيمي هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي تيم الرباب الكوفي، والحارث بن سويد بضم السين المهملة -مصغر السود- الكوفي، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن عثمان بن أبي شيبة وغيره، وأخرجه النسائي في الطب عن أبي كريب وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وهو يوعك" جملة حالية بفتح العين يقال: وعك الرجل يوعك فهو موعوك، والوعك بسكون العين وفتحها الحمى، وقيل: ألمها وتعبها. وقال صاحب المطالع: الوعك [ ص: 212 ] قيل: هو إرعاد الحمى وتحريكه إياه. وقال الأصمعي: الوعك شدة الحر فكأنه أراد حر الحمى وشدتها، وفي المحكم الوعك الألم يجده الإنسان من شدة التعب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن ذاك" لفظ ذاك إشارة إلى تضاعف الحمى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أجل" أي: نعم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حات الله" بفتح الحاء المهملة وبعد الألف تاء مثناة مشددة، وهو من باب المفاعلة، وأصله حاتت فأدغمت التاء في التاء أي: نثر الله عنه خطاياه، يقال: تحات الشيء أي: تناثر.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كما تحات" أي: كما يسقط ورق الشجر. وقال ابن الأثير: حاتت عنه ذنوبه أي: تساقطت. وقال الكرماني: فإن قلت: هذا يدل على ما صدقه بقوله أجل; إذ ذاك يدل على أن في المرض زيادة الحسنات، وهذا يدل على أنه يحط الخطيئات.

                                                                                                                                                                                  قلت: "أجل" تصديق لذلك الخبر، فصدقه أولا، ثم استأنف الكلام، وزاد عليه شيئا آخر وهو حط السيئات، فكأنه قال: نعم، يزيد الدرجات ويحط الخطيئات أيضا.

                                                                                                                                                                                  واختلف العلماء فيه فقال أكثرهم: فيه رفع الدرجة وحط الخطيئة. وقال بعضهم: إنه يكفر الخطيئة فقط.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية