الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أورد هذه الآية تقوية لاحتجاج الحنفية بها في قولهم: "إن التسمية شرط فإن تركها عامدا فلا يحل أكله وإن تركها ناسيا فلا عليه شيء" وبين وجه ذلك بقوله: "والناسي لا يسمى فاسقا" وذكر الآية الأخرى التي هي من تمام الآية تقوية لاحتجاج الشافعية حيث قالوا: "ما لم يذكر اسم الله عليه كناية عن الميتة أو ما ذكر اسم غير الله عليه بقرينة " وإنه لفسق " وهو مؤول بما أهل به لغير الله، وقوله: " وإن الشياطين ليوحون " أي ليوسوسون إلى أوليائهم من المشركين ليجادلوكم بقولهم: "ولا تأكلوا مما قتله الله" قالوا: وبهذا ترجح تأويل من أوله بالميتة، والتحقيق في هذا المقام أن قوله تعالى " ولا تأكلوا " الآية، نهي، والنهي المطلق للتحريم، ويدل عليه قوله: " وإنه لفسق " وأكد النهي بحرف من؛ لأنه في موضع النهي للمبالغة فيقتضي حرمة كل جزء منه، والهاء في قوله: (وإنه لفسق) إن كانت كناية عن الأكل فالفسق أكل الحرام، وإن كانت كناية عن المذبوح فالمذبوح الذي يسمى فسقا يكون حراما، كما في قوله تعالى: أو فسقا أهل لغير الله به وفي الآية بيان أن الحرمة لعدم ذكر اسم الله تعالى؛ لأن التحريم يوصف بذلك الوصف وهو الموجب للحرمة كالميتة والموقوذة، وبهذا تبين فساد حمل الآية على الميتة وذبائح المشركين، فإن الحرمة هناك ليست لعدم ذكر اسم الله تعالى حتى إنه وإن ذكر اسم الله لم يحل.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: النص مجمل؛ لأنه يحتمل الذكر حالة الذبح وحالة الطبخ وحالة الأكل فلم يصح الاحتجاج به.

                                                                                                                                                                                  قلت: ما سوى حالة الذبح ليس بمراد بالإجماع، وأجمع السلف على أن المراد حالة الذبح فلا يكون مجملا، وقد حررنا الكلام في هذا المقام مبسوطا في شرحنا (البناية في شرح الهداية) فمن أراد التحقيق فيه فليرجع إليه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية