الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3025 7 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تتأتى بالتعسف؛ لأن الأحاديث المذكورة فيها التصريح بسبع أرضين، وهذا المذكور لفظ الأرض فقط، ولكن المراد منه سبع أرضين أيضا، وعبد الوهاب الثقفي، وأيوب السختياني، وابن أبي بكرة عبد الرحمن، وأبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي، وقد مضى في كتاب العلم عن أبي بكرة، وفي الحج أيضا من هذا الوجه، ولكن يأتي نحوه بأتم منه في آخر [ ص: 114 ] المغازي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " الزمان" اسم لقليل الوقت وكثيره وأراد به هنا السنة؛ وذلك أن قوله: " السنة اثنا عشر شهرا.." إلى آخره؛ جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولى؛ فالمعنى: أن الزمان في انقسامه إلى الأعوام والأعوام إلى الأشهر عاد إلى أصل الحساب والوضع الذي اختاره الله ووضعه يوم خلق السماوات والأرض.

                                                                                                                                                                                  قوله: " استدار"؛ يقال: دار يدور واستدار يستدير بمعنى؛ إذا طاف حول الشيء وإذا عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، ومعنى الحديث أن العرب كانوا يؤخرون المحرم إلى صفر وهو النسيء المذكور في قوله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر وذلك ليقاتلوا فيه، ويفعلون ذلك كل سنة بعد سنة فينتقل المحرم من شهر إلى شهر حتى جعلوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة قد عاد إلى زمنه المخصوص به، قيل: دارت السنة كهيئتها الأولى.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: إنما أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج مع الإمكان؛ ليوافق أصل الحساب فيحج فيه حجة الوداع. قوله: " كهيئته"؛ الكاف صفة مصدر محذوف، أي: استدار استدارة مثل حالته يوم خلق السماوات والأرض. قوله: " ثلاث متواليات"؛ إنما حذف التاء من العدد باعتبار أن الشهر واحد الأشهر بمعنى الليالي فاعتبر لذلك تأنيثه، ويقال ذلك باعتبار الغرة أو الليلة مع أن العدد الذي لم يذكر معه المميز جاز فيه التذكير والتأنيث، ويروى ثلاثة على الأصل. قوله: " ذو القعدة"؛ مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هي ذو القعدة، أو: أولها ذو القعدة، وما بعده عطف عليه. قوله: " ورجب مضر" عطف على قوله: " ثلاث"، وليس بعطف على قوله: " والمحرم"، وإنما أضافه إلى " مضر"؛ لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من محافظة سائر العرب، ولم يكن يستحله أحد من العرب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بين جمادى وشعبان" ذكره تأكيدا وإزاحة للريب الحادث فيه من النسيء، قال الزمخشري: النسيء تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر كانوا يحلون الشهر الحرام ويحرمون مكانه شهرا آخر حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم، فكانوا يحرمون من شهور العام أربعة أشهر مطلقا، وربما زادوا في الأشهر فيجعلونها ثلاثة عشر، أو أربعة عشر.

                                                                                                                                                                                  قال: والمعنى: رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة فكانت حجة أبي بكر رضي الله تعالى عنه قبلها في ذي القعدة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية