الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا أرسل سهما ، أو كلبا ، أو طائرا على صيد ) ، أو نحو ناد مما مر ( فأصابه ، ومات ، فإن لم يدرك فيه حياة مستقرة ) قبل موته ( أو أدركها ) قبل موته ( وتعذر ذبحه بلا تقصير ) منه ( بأن سل السكين ) ، أو اشتغل بطلب المذبح ، أو بتوجيه للقبلة ، أو ، وقع منكسا فاحتاج لقلبه ليقدر على الذبح ( فمات قبل إمكان ) لذبحه ( أو امتنع ) منه بقوته أو حال بينه ، وبينه حائل كسبع ( ومات قبل القدرة عليه حل ) لعذره

                                                                                                                              وكذا لو شك هل تمكن من ذبحه ، أو لا أي : إحالة على السبب الظاهر ، ويستحب فيما إذا لم يدرك فيه حياة مستقرة أن يمر السكين على مذبحه ، وتعرف بأمارات كحركة شديدة بعد القطع ، أو الجرح ، أو تفجر الدم ، وتدفقه ، أو صوت الحلق ، أو بقاء الدم على قوامه ، وطبيعته ، وتكفي الأولى وحدها ، وما يغلب على الظن بقاؤها من الثلاث الأخر ، فإن شك فكعدمها ، ولا يشترط عدو بعد إصابة سهم ، أو كلب ، ويفرق بينه ، وبين وجوب عدو توقف عليه إدراك الجمعة على خلاف فيه بأنه ثم لم يحصل منه ما يقوم مقام عدوه ، وهنا حصل منه ذلك ، وهو إرسال الكلب ، أو السهم إليه فلم يكلف غيره [ ص: 321 ] وأيضا فهذا يكثر حتى في الوقت الواحد فلو كلف العدو في كل مرة لشق مشقة شديدة لا تحتمل بخلافه

                                                                                                                              ثم قيل : قوله : فأصابه ، ومات لا يستقيم جعله موردا للتقسيم الذي من جملته ما إذا أدركه ، وبه حياة مستقرة . ا هـ . وهو غير سديد ، فإنه عطف مات بالواو المصرحة بأنه وجدت إصابة ، وموت ، وهذا صادق بما إذا تخللهما حياة مستقرة أو لا ( وإن مات لتقصيره بأن لا يكون معه سكين ) ، وهي تذكر ، وهو الغالب ، وتؤنث سميت بذلك ؛ لأنها تسكن حرارة الحياة ، ومدية ؛ لأنها تقطع مدتها ( أو غصبت ) منه ، ولو بعد الرمي ( أو نشبت ) بفتح فكسر ( في الغمد ) أي : الغلاف بأن علقت فيه ، وعسر إخراجها منه ، ولو لعارض بعد إصابته لكن بحث البلقيني فيه ، وفي الغصب بعد الرمي أنه غير تقصير ( حرم ) لتقصيره ، وقد يشكل غصب سكينة بإحالة حائل بينه ، وبينه كما مر ، وقد يفرق بأنه مع الحائل لا يعد قادرا عليه بوجه بخلافه مع عدم السكين ثم رأيت من فرق بأن غصبها عائد إليه ، ومنع الحائل عائد للصيد ، وهو معنى ما فرقت به ، وإلا لم يتضح

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 320 ] قوله : فأصابه ) شامل لما إذا كانت الإصابة بجرح مزهق ، وقضية ذلك مع قوله فإن لم يدرك إلخ . أنه لو مات بالمزهق بعد تمكنه من ذبحه فلم يفعله لم يحل ( قوله : ولا يشترط عدو ) من الصائد



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ، وإذا أرسل ) أي : الصائد كلبا ، أو طائرا أي : معلما ا هـ . مغني ( قوله : أو نحو ناد ) انظر ما المراد بنحو الناد عبارة النهاية ، أو بعير ، أو نحوه تعذر لحوقه ، ولو بالاستعانة ا هـ . ، وهي ظاهرة

                                                                                                                              ( قول المتن : فأصابه ) شامل لما إذا كانت الإصابة بجرح مزهق ، وقضية ذلك مع قوله : فإن لم يدرك إلخ أنه لو مات بالمزهق مع تمكنه من ذبحه فلم يفعل لم يحل ا هـ سم ، ويأتي عن النهاية ما يصرح بذلك ( قول المتن : فإن لم يدرك فيه ) أي : الصائد في الصيد ا هـ . مغني ( قوله : منه ) أي : الصائد ( قول المتن : بأن سل السكين ) أي : كأن سل إلخ ، أو ضاق الزمان ، أو مشى له على هينة ، ولم يأته عدوا ا هـ . مغني ( قوله : بطلب المذبح إلخ ) أو بتناول السكين ا هـ . مغني ( قول المتن : حل ) أي : في الجميع كما لو مات ، ولم تدرك حياته ا هـ . مغني ( قوله : وكذا لو شك إلخ ) عبارة المغني ، ولو شك بعد موت الصيد هل قصر في ذبحه أم لا حل في الأظهر ؛ لأن الأصل عدم التقصير ا هـ . ( قوله : هل تمكن ) أي : هل كان متمكنا ( قوله : أي : إحالة إلخ ) أي : حل إحالة إلخ ( قوله : على السبب الظاهر ) ، وهو آلة الصيد من نحو السهم ، ونحو الكلب

                                                                                                                              ( قوله : ويستحب ) إلى قوله : ويفرق في النهاية إلا قوله : وتدفقه إلى ، وتكفي ، وقوله : وما تغلب إلى ، فإن شك ( قوله : فيما إذا لم يدرك فيه حياة مستقرة ) عبارة المغني إذا وجد فيه حياة غير مستقرة ا هـ . ( قوله : أن يمر السكين ) كذا في النهاية ، وعبارة المغني أن يذبحه ، وفي نسخة من النهاية إمرار السكين على مذبحه ليريحه ا هـ . وهي مضمون عبارة الروضة فإن لم يفعل ، وتركه حتى مات فهو حلال ا هـ . فتعين أن الكلام فيما فيه حياة لكنها غير مستقرة بخلاف ما لم يبق فيه حياة بالكلية فلا معنى لإمرار السكين عليه ، وإن أوهمته عبارة الشارح ا هـ . سيد عمر ، وقوله : عبارة الروضة إلخ في النهاية مثله ، وقوله : فتعين أن الكلام فيما إلخ يصرح به ما قدمنا من عبارة المغني

                                                                                                                              ( قوله : وتعرف إلخ ) عبارة المغني ، وللحياة المستقرة قرائن ، وأمارات تغلب على الظن بقاء الحياة فيدرك ذلك بالمشاهدة ، ومن أماراتها الحركة الشديدة إلخ وعبارة النهاية ، والحياة المستقرة ما يوجد معها الحركة الاختيارية بقرائن ، وأمارات تغلب إلخ وأما الحياة المستمرة فهي الباقية إلى خروجها بذبح أو نحوه ، وأما حركة المذبوح فهي التي لا يبقى معها سمع ، ولا إبصار ، ولا حركة اختيار ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بعد القطع ) أي : قطع الحلقوم ، والمريء نهاية ، ومغني ( قوله : أو الجرح ) أسقطه المغني ، والنهاية فتأمل ( قوله : أو تفجر الدم إلخ ) أي : بعد قطع الحلقوم ، والمريء نهاية ، ومغني ( قوله : وتدفقه ) الواو فيه بمعنى ، أو كما عبر بها شرح الروض في موضع ا هـ . ع ش ، وقضية قول الشارح الآتي من الثلاث أنه بمعناه ( قوله : وتكفي الأولى ) أي : الحركة الشديدة وحدها ، وما يغلب إلخ ومحل ذلك كما يأتي قبيل قول المتن إذا لم يتقدمه ما يحال عليه الهلاك ( قوله : فإن شك إلخ ) أي : في حصول الحياة المستقرة ، ولم يترجح ، وكذا إدخال إلخ ظن حرم نهاية ، ومغني

                                                                                                                              ( قوله : ولا يشترط عدو ) أي : سرعة سير من الرامي ، والمرسل بكسر السين ع ش ، وسم ورشيدي [ ص: 321 ] قوله : وأيضا فهذا ) أي : الاصطياد ( قوله : بخلافه ثم ) أي : العدو في إدراك الجمعة ، وكان الأولى إسقاط ثم ، وإرجاع الضمير إلى الإدراك ( قوله : قيل : إلخ ) وافقه المغني ( قوله : الذي من جملته إلخ ) عبارة المغني ، فإن منها إدراكه بالحياة المستقرة ، والميت لا حياة فيه ، وعبارة المحرر ، والشرح ، والروضة فأصابه ثم إن أدرك الصيد حيا إلخ ا هـ . ( قوله : وهو ) أي : الاعتراض المذكور ( قوله : فإنه ) أي : المصنف ( قوله : أو لا ) فيه تأمل ، والأولى أن يقول بما تخللت الحياة المستقرة بينهما ، وما لا

                                                                                                                              ( قول المتن لتقصيره ) أي : الصائد بأن أي : كأن ا هـ . مغني ( قوله : تذكر ) إلى قوله : وهو معنى في النهاية إلا قوله : بأنه إلى بأن غصبها ( قوله : وتؤنث ) وقد استعملهما المصنف هنا حيث قال : معه سكين ثم قال : غضبت ، واستعمل التذكير فقط في قوله : بعد ، ولو كان بيده سكين فسقط ا هـ . مغني ، وفيه نظر ( قوله : ومدية ) عطف على ذلك ( قول المتن : أو غصبت ) بضم المعجمة أوله أي : أخذها منه غاصب ، أو لم تكن محدودة ، أو ذبح بظهرها ا هـ . مغني ( قوله : بفتح ) إلى قوله : ولو لعارض إلخ زاد المغني بعده ما نصه نعم لو اتخذ للسكين غمدا معتادا فنشبت لعارض حل كما يفهمه التعبير بالتقصير نبه على ذلك الزركشي ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن في الغمد ) بغين معجمة مكسورة مغني ومحلي ( قوله : ولو لعارض ) كحرارة ا هـ . ع ش ( قوله : لكن بحث البلقيني إلخ ) عبارة النهاية نعم رجح البلقيني الحل فيما لو غصبت بعد الرمي ، أو كان الغمد معتادا غير ضيق فعلق لعارض ا هـ . وصنيعها يشعر بالميل إليه ، وهو وجيه ا هـ . سيد عمر ، وقال ع ش قوله : أو كان الغمد معتادا إلخ معتمد ا هـ . ( قوله : فيه ) أي : النشب لعارض بعد الإصابة عبارة المغني نعم لو اتخذ للسكين غمدا معتادا فنشبت لعارض حل كما يفهمه التعبير بالتقصير نبه على ذلك الزركشي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لتقصيره ) ؛ لأن من حق من يعاني الصيد أن يستصحب الآلة في غمد موافق ، وسقوطها منه ، وسرقتها تقصير مغني ، ونهاية ( قوله : وقد يفرق إلخ ) هذا لا يأتي على ما بحثه البلقيني من أن غصبها بعد الرمي لا يمنع الحل ، فإن فيه التسوية بين الغصب ، والحيلولة نعم إن كانت الحيلولة قبل الرمي احتيج إلى الفرق ا هـ . ع ش ( قوله : بأن غصبها عائد إليه ) أي : وصف له بكونها غصبت منه فنسب لتقصير ا هـ . ع ش ( قوله : وإلا إلخ ) أي ، وإن لم يرد به ما فرقت به




                                                                                                                              الخدمات العلمية