nindex.php?page=treesubj&link=18648مثل التالي ولا يعلم التفسير
مثل التالي كتاب الله تعالى ولا يعلم تفسيره كمثل ملك كتب إلى عامله كتابا فيه أمر ونهي ووعد ووعيد على تضييع أمره فاستظهره هذا العامل فقام ببعضه في الأمور التي أوعد عليها وضيع البعض التي وعد عليها فأخذ هذا العامل في كل يوم يقرأ هذا الكتاب وكلما أتى على وعيد وتهول على النفس طرب فيه ورفع صوته كأنه يتغنى بأغاني السرور وكلما أتى على طمع ونوال وبشرى وكرامة ذبل وتكاسل وربما يتثاءب في
[ ص: 67 ] قراءته فقرأه على تلك الهيئة كالمصروع والمجنون فإنه في القرآن أمر ونهي ووعد ووعيد وذكر أنباء القرون للطمع والتخويف وضرب الأمثال وذكر الآلاء وذكر المنن واللطائف فإذا لم يعلم هذا كله ورضي من نفسه بالقراءة فقط فكأنه العامل يقرأ كل يوم كتاب الملك ويترك ما فيه من المعاني بمنزلة رجل يسلك طريقا قفرا يستقبله عقاب يحتاج إلى قطعها وهو أثقال الصدق في أمره ونهيه ومرة يستقبله مفاوز وهو وعيده ومرة يستقبله فلاة معطشة ومجاعة وهي منازل قوم وصفها في تنزيله ومدحهم بها ومرة يستقبله فضاء من الأرض فيها رياض من خضر وهي ذكر النعم ومرة يستقبله في تلك الأرض بساتين ذات ورد وبان وياسمين وهو ذكر المنن ومرة يهجم على أغراس في تلك البساتين وهي تلك الحظوظ التي هيأ له من آلائه وتلك اللطائف المذكورة ومرة تستقبله أرض شاكة مسبعة وهي ذكر النفوس ومكايد الشيطان
[ ص: 68 ] فهذا القرآن كائن فيه هذه الألوان فمن قرأ القرآن لظهره مرت عليه هذه الأشياء ومر بها وهو عنها سكران أو نائم فيطرب ويظهر السرور في وقت الأحزان والانكسار ويرفع صوته في وقت الخفض والخشوع وينشط في حال الانقباض ويتحازن في وقت السرور والبهجة مثل من يقرأ القرآن بألحان
فمثل ذلك مثل ملك أمر المنادي أن ينادي في الرعية بوعيد هائل يكاد أن تشيب منه الرءوس فنادى بنداء طرب فيه وتغنى وجاء .بألحان السرور أفليس يمقته الملك على ذلك ويغيظه
ولو أن رجلا تلا هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله أو تلا هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فوربك لنسألنهم أجمعين أو تلا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في الحميم ثم في النار يسجرون ثم قال في آخر ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=75ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون فهو يرى نفسه في
[ ص: 69 ] الفرح والمرح إلى قرنه وقدمه فرجع بقراءة هذه الآيات وطرب وجاء بألحان السرور
ثم قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12 (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم فأخذ يتحازن ويخفض في صوته وترجيعه ويئن فيها ويخرج صوته أصوات الثكالى وإذا قرأ قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية يغني في صوته ولحنه وأرسل كل صوت كالمتنشط المسرور
وإذا قرأ صفة الجود
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هل جزاء الإحسان إلا الإحسان تمثل في تلاوته كهيئة أهل المصائب وذبل وانكسر
فلو أن عبدا من عبيد أهل الدنيا بشره مولاه بشيء أو أمله نوالا أو أطمعه في بشرى انقبض وعبس وجهه أو إذا أوعده أو وبخه في شيء انبسط وضحك في وجهه لمقته ولو أن
[ ص: 70 ] رجلا قال في مولاه سوءا فلفظ به العبد على الجهر والتصريح لمقته فإذا تلا التالي تلك المقالات التي حكى الله تعالى عن أعدائه من الفراعنة جهر بها وطرب بها خيف عليه المقت
قراءة السلف
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي رحمه الله أنه كان إذا مر بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا خفض صوته
وروي عن بعض التابعين أنه قرأ سورة الفرقان أربعين ليلة فكان كل ليلة إذا بلغ إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60قالوا وما الرحمن سقط مغشيا عليه فتعاهدوا ذلك أربعين ليلة كلما بلغ هذه الآية سقط ولم يقدر أن يجاوزها
هكذا صفة المنتبه لما يتلو فمن اتبع لتلاوته وقراءته لبطنه فإذا أتى على مثل هذه الآية انقطع صوته وتراجع في حلقه وإذا أتى على العقاب أعيا وإذا قطع المفاوز عطش ونصب وإذا قطع البساتين والرياض طرب وإذا طعم الأغراس سكر لأن الأشربة الصافية الصرفة كائنة في الأغراس
[ ص: 71 ] فذلك وقت الوله إلى الله تعالى ولهت قلوبهم عن كل شيء سواه وإذا أتى على أرض شاكة أن وضاق عليه الطريق وإذا أتى على أرض مسبعة أرعد خوفا وإذا أتى على بلاء العدو تحير واستغاث وصرخ إلى ربه فهذه أحوال كائنة في قلوب المنتبهين الذين قرءوا القرآن لباطنه فتحولت قلوبهم على تحول معاني ما يتلون وربما هالهم في تلك الفلاة لا يحطون في تلك المواضع أثقالهم فإذا نزلوا استراحوا وذلك لطف من الله تعالى يلطف به عبده لما يرى مما حل بقلبه من النصب والتعب في قطع هذا الطريق على ما وصفنا ففتح له في بعض تلك الآيات ويشرق على قلبه من نوره فيردد تلك الآيات فربما بقي في تلك الآيات ساعات لما يتراءى له فيها فذاك مستراح قلبه وفي ذلك الوقت يحط رحله ويحل بفنائه حتى يقوى في التوراة
وروي عن مالك بن دينار رحمه الله قال قرأت في التوراة لا تعجزن أن تقوم في صلاتك بين يدي باكيا فإني أنا الله الذي اقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري فهذه خانات ومنازل
[ ص: 72 ] أولئك القوم تهيأ لهم نزلا من النور حتى تتراءى لهم معاني تلك الآيات وبواطنها فيتلذذون بها ويستريحون من التعب الذي لحقهم فيما تلوا قبل ذلك وإنما مروا بتلك الآيات بعد ذلك مرة أخرى فلم يصبهم تعب ولا نصب كما كان قبل ذلك فطمعوا في حط الرحال لما كانوا وجدوه قبل ذلك فداروا عليها ورددوها يريدون حط الرحال من غير إعياء واستراحة من غير نصب يطمعون في إشراق ذلك النور تلذذا بفناء الملك الكريم فيجدون تلك الخانات لم تهيأ لهم نزلا إنما هي أواري خالية وبيوت صفر فيرتحلون ويمضون وإذا هيئ النزل فقد وجدوا ما طلبوا فإذا رددوها تراءى للقلب شعاع ذلك فالتهب النور وتصورت تلك المعاني المندرجة فيه على قلبه فصار طربا في سمعه فأعلمه .وأبكاه
فإذا لم يعلم هذا كله ورضي من نفسه بالقراءة فقط فكان كعامل يقرأ كل يوم كتاب الملك ويترك ما فيه من المعاني
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ما أنزل الله
[ ص: 73 ] تعالى كتابا إلا أحب أن يعلم تفسيره فمن قرأ القرآن ولم يعلم تفسيره فهو أمي
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير رحمه الله مثل من قرأ القرآن ولم يعلم تفسيره كمثل رجل جاءه كتاب من أعز الناس إليه يفرح به ويطلب من يقرؤه عليه فلم يجد وهو أمي ففرح بالكتاب ولا يدري ما فيه فهكذا مثل من يقرأ القرآن ولا يعلم تفسيره وما فيه
nindex.php?page=treesubj&link=18648مَثَلُ التَّالِي وَلَا يُعْلَمُ التَّفْسِيرُ
مَثَلُ التَّالِي كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُعْلَمُ تَفْسِيرُهُ كَمَثَلِ مَلَكٍ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ كِتَابًا فِيهِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ عَلَى تَضْيِيعِ أَمْرِهِ فَاسْتَظْهَرَهُ هَذَا الْعَامِلُ فَقَامَ بِبَعْضِهِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي أَوْعَدَ عَلَيْهَا وَضَيَّعَ الْبَعْضُ الَّتِي وَعَدَ عَلَيْهَا فَأَخَذَ هَذَا الْعَامِلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَقْرَأُ هَذَا الْكِتَابَ وَكُلَّمَا أَتَى عَلَى وَعِيدٍ وَتَهَوُّلٍ عَلَى النَّفْسِ طَرِبَ فِيهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ كَأَنَّهُ يَتَغَنَّى بِأَغَانِي السُّرُورِ وَكُلَّمَا أَتَى عَلَى طَمَعٍ وَنَوَالٍ وَبُشْرَى وَكَرَامَةٍ ذَبَلَ وَتَكَاسَلَ وَرُبَّمَا يَتَثَاءَبُ فِي
[ ص: 67 ] قِرَاءَتِهِ فَقَرَأَهُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ كَالْمَصْرُوعِ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ وَذَكَرَ أَنْبَاءَ الْقُرُونِ لِلطَّمَعِ وَالتَّخْوِيفِ وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَذِكْرِ الْآلَاءِ وَذِكْرِ الْمِنَنِ وَاللَّطَائِفِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَذَا كُلَّهُ وَرَضِيَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَطْ فَكَأَنَّهُ الْعَامِلُ يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمٍ كِتَابَ الْمَلِكِ وَيَتْرُكُ مَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا قَفْرًا يَسْتَقْبِلُهُ عِقَابٌ يَحْتَاجُ إِلَى قَطْعِهَا وَهُوَ أَثْقَالُ الصِّدْقِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَمَرَّةً يَسْتَقْبِلُهُ مَفَاوِزَ وَهُوَ وَعِيدُهُ وَمَرَّةً يَسْتَقْبِلُهُ فَلَاةً مُعَطَّشَةً وَمَجَاعَةً وَهِيَ مَنَازِلُ قَوْمٍ وَصَفَهَا فِي تَنْزِيلِهِ وَمَدْحِهِمْ بِهَا وَمَرَّةً يَسْتَقْبِلُهُ فَضَاءٌ مِنَ الْأَرْضِ فِيهَا رِيَاضٌ مِنْ خُضَرٍ وَهِيَ ذِكْرُ النِّعَمِ وَمَرَّةً يَسْتَقْبِلُهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ بَسَاتِينُ ذَاتُ وَرْدٍ وَبَانٍ وَيَاسَمِينٍ وَهُوَ ذِكْرُ الْمِنَنِ وَمَرَّةُ يَهْجُمُ عَلَى أَغْرَاسٍ فِي تِلْكَ الْبَسَاتِينِ وَهِيَ تِلْكَ الْحُظُوظُ الَّتِي هَيَّأَ لَهُ مِنْ آلَائِهِ وَتِلْكَ اللَّطَائِفِ الْمَذْكُورَةِ وَمَرَّةً تَسْتَقْبِلُهُ أَرْضٌ شَاكَّةٌ مُسْبَعَةٌ وَهِيَ ذِكْرُ النُّفُوسِ وَمَكَايِدُ الشَّيْطَانِ
[ ص: 68 ] فَهَذَا الْقُرْآنُ كَائِنٌ فِيهِ هَذِهِ الْأَلْوَانُ فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لِظَهْرِهِ مَرَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَمَرَّ بِهَا وَهُوَ عَنْهَا سَكْرَانُ أَوْ نَائِمٌ فَيَطْرَبُ وَيَظْهَرُ السُّرُورُ فِي وَقْتِ الْأَحْزَانِ وَالِانْكِسَارِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي وَقْتِ الْخَفْضِ وَالْخُشُوعِ وَيَنْشَطُ فِي حَالِ الِانْقِبَاضِ وَيَتَحَازَنُ فِي وَقْتِ السُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ مَثَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِأَلْحَانٍ
فَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ مَلَكٍ أَمَرَ الْمُنَادِي أَنْ يُنَادِيَ فِي الرَّعِيَّةِ بِوَعِيدٍ هَائِلٍ يَكَادُ أَنْ تَشِيبَ مِنْهُ الرُّءُوسُ فَنَادَى بِنِدَاءٍ طَرَّبَ فِيهِ وَتَغَنَّى وَجَاءَ .بِأَلْحَانِ السُّرُورِ أَفَلَيْسَ يَمْقُتُهُ الْمَلِكُ عَلَى ذَلِكَ وَيَغِيظُهُ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ أَوْ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ أَوْ تَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=75ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ فَهُوَ يَرَى نَفْسَهُ فِي
[ ص: 69 ] الْفَرَحِ وَالْمَرَحِ إِلَى قَرْنِهِ وَقَدَمِهِ فَرَجَعَ بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَطَرَبٍ وَجَاءَ بِأَلْحَانِ السُّرُورِ
ثُمَّ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12 (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ فَأَخَذَ يَتَحَازَنُ وَيَخْفِضُ فِي صَوْتِهِ وَتَرْجِيعِهِ وَيَئِنُّ فِيهَا وَيَخْرُجُ صَوْتُهُ أَصْوَاتُ الثَّكَالَى وَإِذَا قَرَأَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ يُغْنِّي فِي صَوْتِهِ وَلَحْنِهِ وَأَرْسَلَ كُلَّ صَوْتٍ كَالْمُتَنَشِّطِ الْمَسْرُورِ
وَإِذَا قَرَأَ صِفَةَ الْجُودِ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانِ تَمَثَّلَ فِي تِلَاوَتِهِ كَهَيْئَةِ أَهْلِ الْمَصَائِبِ وَذَبَلَ وَانْكَسَرَ
فَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الدُّنْيَا بَشَّرَهُ مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَمَّلَهُ نَوَالًا أَوْ أَطْمَعَهُ فِي بُشْرَى انْقَبَضَ وَعَبَسَ وَجْهُهُ أَوْ إِذَا أَوْعَدَهُ أَوْ وَبَّخَهُ فِي شَيْءٍ انْبَسَطَ وَضَحِكَ فِي وَجْهِهِ لِمَقْتِهِ وَلَوْ أَنَّ
[ ص: 70 ] رَجُلًا قَالَ فِي مَوْلَاهُ سُوءًا فَلَفَظَ بِهِ الْعَبْدُ عَلَى الْجَهْرِ وَالتَّصْرِيحِ لِمَقْتِهِ فَإِذَا تَلَا التَّالِي تِلْكَ الْمَقَالَاتِ الَّتِي حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَعْدَائِهِ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ جَهَرَ بِهَا وَطَرَبَ بِهَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَقْتُ
قِرَاءَةُ السَّلَفِ
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا خَفَضَ صَوْتَهُ
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْفُرْقَانِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَكَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَتَعَاهَدُوا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً كُلَّمَا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ سَقَطَ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُجَاوِزَهَا
هَكَذَا صِفَةُ الْمُنْتَبِهِ لِمَا يَتْلُو فَمَنِ اتَّبَعَ لِتِلَاوَتِهِ وَقِرَاءَتِهِ لِبَطْنِهِ فَإِذَا أَتَى عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ انْقَطَعَ صَوْتُهُ وَتَرَاجَعَ فِي حَلْقِهِ وَإِذَا أَتَى عَلَى الْعِقَابِ أَعْيَا وَإِذَا قَطَعَ الْمَفَاوِزَ عَطِشَ وَنَصَبَ وَإِذَا قَطَعَ الْبَسَاتِينَ وَالرِّيَاضَ طَرَبَ وَإِذَا طَعَّمَ الْأَغْرَاسَ سَكِرَ لِأَنَّ الْأَشْرِبَةَ الصَّافِيَةَ الصِّرْفَةَ كَائِنَةٌ فِي الْأَغْرَاسِ
[ ص: 71 ] فَذَلِكَ وَقْتُ الْوَلَهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَهَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ وَإِذَا أَتَى عَلَى أَرْضٍ شَاكَةٍ أَنَّ وَضَاقَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ وَإِذَا أَتَى عَلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَرْعَدَ خَوْفًا وَإِذَا أَتَى عَلَى بَلَاءِ الْعَدُوِّ تَحَيَّرَ وَاسْتَغَاثَ وَصَرَخَ إِلَى رَبِّهِ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ كَائِنَةٌ فِي قُلُوبِ الْمُنْتَبِهِينَ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ لِبَاطِنِهِ فَتَحَوَّلَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى تَحَوُّلِ مَعَانِي مَا يَتْلُونَ وَرُبَّمَا هَالَهُمْ فِي تِلْكَ الْفَلَاةِ لَا يَحُطُّونَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَثْقَالَهُمْ فَإِذَا نَزَلُوا اسْتَرَاحُوا وَذَلِكَ لُطْفٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَلْطُفُ بِهِ عَبْدُهُ لِمَا يَرَى مِمَّا حَلَّ بِقَلْبِهِ مِنَ النَّصَبِ وَالتَّعَبِ فِي قَطْعِ هَذَا الطَّرِيقِ عَلَى مَا وَصْفِنَا فَفَتَحَ لَهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْآيَاتِ وَيُشْرِقُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ نُورِهِ فَيُرَدِّدُ تِلْكَ الْآيَاتِ فَرُبَّمَا بَقِيَ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ سَاعَاتٍ لِمَا يَتَرَاءَى لَهُ فِيهَا فَذَاكَ مُسْتَرَاحٌ قَلْبُهُ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَحُطُّ رَحْلَهُ وَيَحِلُّ بِفَنَائِهِ حَتَّى يَقْوَى فِي التَّوْرَاةِ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَرَأَتْ فِي التَّوْرَاةِ لَا تَعْجَزَنَّ أَنْ تَقُومَ فِي صَلَاتِكَ بَيْنَ يَدِي بَاكِيًا فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الَّذِي اقْتَرَبَتْ لِقَلْبِكَ وَبِالْغَيْبِ رَأَيْتُ نُورِي فَهَذِهِ خَانَاتٌ وَمَنَازِلُ
[ ص: 72 ] أُولَئِكَ الْقَوْمِ تَهَيَّأَ لَهُمْ نُزُلًا مِنَ النُّورِ حَتَّى تَتَرَاءَى لَهُمْ مَعَانِي تِلْكَ الْآيَاتِ وَبَوَاطِنُهَا فَيَتَلَذَّذُونَ بِهَا وَيَسْتَرِيحُونَ مِنَ التَّعَبِ الَّذِي لَحِقَهُمْ فِيمَا تَلَوْا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مَرُّوا بِتِلْكَ الْآيَاتِ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمْ يُصِبْهُمْ تَعَبٌ وَلَا نَصَبٌ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَطَمِعُوا فِي حَطِّ الرَّحَّالِ لِمَا كَانُوا وَجَدُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَدَارُوا عَلَيْهَا وَرَدَّدُوهَا يُرِيدُونَ حَطَّ الرِّحَالِ مِنْ غَيْرِ إِعْيَاءٍ وَاسْتِرَاحَةٍ مِنْ غَيْرِ نَصَبٍ يَطْمَعُونَ فِي إِشْرَاقِ ذَلِكَ النُّورِ تَلَذُّذًا بِفَنَاءِ الْمَلِكِ الْكَرِيمِ فَيَجِدُونَ تِلْكَ الْخَانَاتِ لَمْ تُهَيَّأْ لَهُمْ نُزُلًا إِنَّمَا هِيَ أُوَارِي خَالِيَةٌ وَبُيُوتٌ صُفْرٌ فَيَرْتَحِلُونَ وَيَمْضُونَ وَإِذَا هُيِّئَ النُّزُلُ فَقَدْ وَجَدُوا مَا طَلَبُوا فَإِذَا رَدَّدُوهَا تَرَاءَى لِلْقَلْبِ شُعَاعُ ذَلِكَ فَالْتَهَبَ النُّورُ وَتَصَوَّرَتْ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الْمُنْدَرِجَةَ فِيهِ عَلَى قَلْبِهِ فَصَارَ طَرَبًا فِي سَمْعِهِ فَأَعْلَمَهُ .وَأَبْكَاهُ
فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَذَا كُلَّهُ وَرَضِيَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَطْ فَكَانَ كَعَامِلٍ يَقْرَأُ كُلُّ يَوْمٍ كِتَابُ الْمَلِكِ وَيَتْرُكُ مَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي
وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
[ ص: 73 ] تَعَالَى كِتَابًا إِلَّا أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ تَفْسِيرَهُ فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَعْلَمْ تَفْسِيرَهُ فَهُوَ أُمِّيٌّ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَعْلَمْ تَفْسِيرَهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ جَاءَهُ كِتَابٌ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ إِلَيْهِ يَفْرَحُ بِهِ وَيَطْلُبُ مَنْ يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ وَهُوَ أُمِّيٌّ فَفَرِحَ بِالْكِتَابِ وَلَا يَدْرِي مَا فِيهِ فَهَكَذَا مَثَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَعْلَمُ تَفْسِيرَهُ وَمَا فِيهِ