nindex.php?page=treesubj&link=18468العلم علمان nindex.php?page=hadith&LINKID=709169قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العلم علمان علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم في اللسان فذاك حجة الله تعالى على ابن آدم فالعلم النافع هو علم السابق وعلم الحجة الذي يخنق صاحبه في البرزخ وفي المحشر هو علم الظالم لنفسه أعاذنا الله وإياكم برحمته
قال له قائل فهذا الملك الذي بعث الضيف ومعه نفقة وقد تفاوتت النفقات فنفقة هي دراهم ونفقة هي دنانير ونفقة هي جواهر ما هذا
[ ص: 218 ] قال فالذي ذكرنا من النفقات الثلاث من الأصناف هي العلوم وهو علم واحد صارت علوما والعلم لا يدركه القلب إلا بالحياة لأن هذا كله علم الغيب ألا ترى أن النفس إذا نامت أو ماتت ذهبت حياتها وذهب علم القلب فهو ميت لا يدري وحي نائم لا يدري شيئا
فقد بان لك من أن علم الظاهر قد غاب عنه بالنوم والموت لزوال الحياة فيهما فكذا إذا ذهبت حياة القلب بالله فقد غاب عنه علم الغيوب فإذا أعطي القلب حياة العلم بالله عرف ربه وعلمه وقد قال جل ذكره
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون
فهذا كان قلبا ميتا عن الله تعالى أعطاه نور العقل والعلم فعرف ربه وإنما عقل العلم بنور .الحياة فلما عرفه اطمأن إليه وأسلم نفسه إليه عبودة فلزمه الاسمان مؤمن ومسلم الإيمان من جهة استقرار القلب والإسلام من جهة تسليم النفس إليه عبودة بالأمر والنهي فهما في عقد واحد عرف ربا فاطمأن إليه وعرف نفسه عنده فسلم إليه نفسه فهذه معرفة واحدة
[ ص: 219 ] إذا لحظ إلى ربه عرفه ربا وإذا لحظ إلى نفسه عرفه عبدا وإنما يعرف هذا بحياة القلب أدرك بها هذه المعرفة ثم دعاه إلى العبودة الأمر والنهي فجاءته الشهوات الموضوعة في نفسه فثقلته وجمحت به في نهيه فإذا جاهد في ذات الله حق جهاده شكر الله له ذلك وزاده في الحياة ليخفف أوامره ويكبح بلجامه في وقت جموحه في المناهي وذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم
فأعلمه بعد حياة الإيمان أن يحييه بالطاعات فإذا أطاع الله في الأمر والنهي شكر له ذلك فزاده حياة ليقطع قلبه عن العلائق وهوى النفس شكرا له وهو قول الله عز وجل
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=17والله شكور حليم
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار رحمه الله وجدت في بعض الكتب إن سرك أن تحيا وتبلغ اليقين فاحتل في كل خير أن تغلب شهوات الدنيا فإنه من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله
[ ص: 220 ] فإذا حيي القلب حياة تبلغ علم اليقين صار من السابقين المقربين فهناك يحيا بالله فعاين ببصر قلبه آثار القدرة وآثار الربوبية وبهاء الدين وزينة العبودية وبهجة المنة وتربط بلحظه إلى مجالس النجوى وبهجة المرعى بين يديه فحياة الأول حياة الفضة وحياة الثاني حياة الذهب وحياة الثالث حياة الجوهر
والفضة إنما بريقها من حياتها وبريق الذهب من حياته أقوى من الفضة وأشد بريقا وبريق الجوهر من حياته وهي أقوى من الذهب فكل واحد من هذه الأشياء قد احتظى من الحياة ولكن كل واحد أقوى من الآخر فالجوهر يضيء البيت من نوره والذهب والفضة ليس لهما ذلك فمن كانت نفقته في ضيافة المعرفة من الدراهم فصيانتها والإحسان إليها لا تخلو من الدنس والأوساخ والتضييع والتفريط
ومن كانت نفسه في ضيافة المعرفة من الدنانير يسلم من الأوساخ والأدناس ولكن لا يخلو من الغبار
ومن كانت نفقته في ضيافة المعرفة من الجوهر سلم من الغبار وجميع ما يتقى منه ويصان عنه ولم يزل طريا نقيا لأن قلبه
[ ص: 221 ] حيي بالله بحياة الجوهر فذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الإيمان حلو نزه فنزهوه
أحب القلوب إلى الله
وعنه صلى الله عليه وسلم
(إن لله تعالى أواني في الأرض ألا وهي القلوب وأحب القلوب إلى الله تعالى أصفاها وأرقها وأصلبها
فأصفاها لله تعالى وأصلبها في ذات الله تعالى 77 وأرقها للإخوان
وقال فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى
(ولست أسكن البيوت وأي بيت يسعني والسموات حشو كرسي وإني في قلب الوادع الضعيف لين القلب
فحياة القلب من هذا الذي ذكره إني في ذلك القلب مثل التقوى
nindex.php?page=treesubj&link=18468الْعِلْمُ عِلْمَانِ nindex.php?page=hadith&LINKID=709169قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْعِلْمُ عِلْمَانِ عِلْمٌ فِي الْقَلْبِ فَذَاكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَعِلْمٌ فِي اللِّسَانِ فَذَاكَ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ابْنِ آدَمَ فَالْعِلْمُ النَّافِعُ هُوَ عِلْمُ السَّابِقِ وَعِلْمُ الْحُجَّةِ الَّذِي يَخْنُقُ صَاحِبَهُ فِي الْبَرْزَخِ وَفِي الْمَحْشَرِ هُوَ عِلْمُ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِرَحْمَتِهِ
قَالَ لَهُ قَائِلٌ فَهَذَا الْمَلِكُ الَّذِي بَعَثَ الضَّيْفَ وَمَعَهُ نَفَقَةٌ وَقَدْ تَفَاوَتَتِ النَّفَقَاتُ فَنَفَقَةٌ هِيَ دَرَاهِمُ وَنَفَقَةٌ هِيَ دَنَانِيرُ وَنَفَقَةٌ هِيَ جَوَاهِرُ مَا هَذَا
[ ص: 218 ] قَالَ فَالَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ النَّفَقَاتِ الثَّلَاثِ مِنَ الْأَصْنَافِ هِيَ الْعُلُومُ وَهُوَ عِلْمٌ وَاحِدٌ صَارَتْ عُلُومًا وَالْعِلْمُ لَا يُدْرِكُهُ الْقَلْبُ إِلَّا بِالْحَيَاةِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِلْمُ الْغَيْبِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّفْسَ إِذَا نَامَتْ أَوْ مَاتَتْ ذَهَبَتْ حَيَاتُهَا وَذَهَبَ عِلْمُ الْقَلْبِ فَهُوَ مَيِّتٌ لَا يَدْرِي وَحَيٌّ نَائِمٌ لَا يَدْرِي شَيْئًا
فَقَدْ بَانَ لَكَ مِنْ أَنَّ عِلْمَ الظَّاهِرِ قَدْ غَابَ عَنْهُ بِالنَّوْمِ وَالْمَوْتِ لِزَوَالِ الْحَيَاةِ فِيهِمَا فَكَذَا إِذَا ذَهَبَتْ حَيَاةُ الْقَلْبِ بِاللَّهِ فَقَدْ غَابَ عَنْهُ عِلْمُ الْغُيُوبِ فَإِذَا أُعْطِيَ الْقَلْبُ حَيَاةَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ عَرَفَ رَبَّهُ وَعَلَّمَهُ وَقَدْ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فَهَذَا كَانَ قَلْبًا مَيِّتًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَعْطَاهُ نُورُ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ فَعَرَفَ رَبَّهُ وَإِنَّمَا عَقْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ .الْحَيَاةِ فَلَمَّا عَرَفَهُ اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ إِلَيْهِ عُبُودَةً فَلَزِمَهُ الِاسْمَانِ مُؤْمِنٌ وَمُسْلِمُ الْإِيمَانِ مِنْ جِهَةِ اسْتِقْرَارِ الْقَلْبِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ جِهَةِ تَسْلِيمِ النَّفْسِ إِلَيْهِ عُبُودَةً بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَهْمًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ عَرَفَ رَبًّا فَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ وَعَرَفَ نَفْسَهُ عِنْدَهُ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ نَفْسَهُ فَهَذِهِ مَعْرِفَةٌ وَاحِدَةٌ
[ ص: 219 ] إِذَا لَحِظَ إِلَى رَبِّهِ عَرَفَهُ رَبًّا وَإِذَا لَحِظَ إِلَى نَفْسِهِ عَرَفَهُ عَبْدًا وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا بِحَيَاةِ الْقَلْبِ أَدْرَكَ بِهَا هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ ثُمَّ دَعَاهُ إِلَى الْعُبُودَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَجَاءَتْهُ الشَّهَوَاتُ الْمَوْضُوعَةُ فِي نَفْسِهِ فَثَقَلَتْهُ وَجَمَحَتْ بِهِ فِي نَهْيِهِ فَإِذَا جَاهَدَ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ شَكَرَ اللَّهَ لَهُ ذَلِكَ وَزَادَهُ فِي الْحَيَاةِ لِيُخَفِّفَ أَوَامِرَهُ وَيَكْبَحَ بِلِجَامِهِ فِي وَقْتِ جُمُوحِهِ فِي الْمَنَاهِي وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
فَأَعْلَمَهُ بَعْدَ حَيَاةِ الْإِيمَانِ أَنْ يُحَيِّيهِ بِالطَّاعَاتِ فَإِذَا أَطَاعَ اللَّهَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ شَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَزَادَهُ حَيَاةً لِيَقْطَعَ قَلْبَهُ عَنِ الْعَلَائِقِ وَهَوَى النَّفْسِ شُكْرًا لَهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=17وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَحْيَا وَتَبْلُغَ الْيَقِينَ فَاحْتَلَّ فِي كُلِّ خَيْرٍ أَنْ تَغْلِبَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَنْ يَغْلِبُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا يُفَرِّقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ
[ ص: 220 ] فَإِذَا حَيِيَ الْقَلْبُ حَيَاةً تَبْلُغُ عِلْمَ الْيَقِينِ صَارَ مِنَ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ فَهُنَاكَ يَحْيَا بِاللَّهِ فَعَايَنَ بِبَصَرِ قَلْبِهِ آثَارَ الْقُدْرَةِ وَآثَارَ الرُّبُوبِيَّةِ وَبَهَاءَ الدِّينِ وَزِينَةَ الْعُبُودِيَّةِ وَبَهْجَةَ الْمِنَّةِ وَتَرْبُطُ بِلَحْظِهِ إِلَى مَجَالِسِ النَّجْوَى وَبَهْجَةِ الْمَرْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَيَاةُ الْأَوَّلِ حَيَاةُ الْفِضَّةِ وَحَيَاةُ الثَّانِي حَيَاةُ الذَّهَبِ وَحَيَاةُ الثَّالِثِ حَيَاةُ الْجَوْهَرِ
وَالْفِضَّةُ إِنَّمَا بَرِيقُهَا مِنْ حَيَاتِهَا وَبَرِيقُ الذَّهَبِ مِنْ حَيَاتِهِ أَقْوَى مِنَ الْفِضَّةِ وَأَشَدُّ بَرِيقًا وَبَرِيقُ الْجَوْهَرِ مِنْ حَيَاتِهِ وَهِيَ أَقْوَى مِنَ الذَّهَبِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدِ احْتَظَى مِنَ الْحَيَاةِ وَلَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ أَقْوَى مِنَ الْآخَرِ فَالْجَوْهَرُ يُضِيءُ الْبَيْتَ مِنْ نُورِهِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ فَمَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي ضِيَافَةِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ فَصِيَانَتُهَا وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهَا لَا تَخْلُو مِنَ الدَّنَسِ وَالْأَوْسَاخِ وَالتَّضْيِيعِ وَالتَّفْرِيطِ
وَمَنْ كَانَتْ نَفْسُهُ فِي ضِيَافَةِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَسْلَمُ مِنَ الْأَوْسَاخِ وَالْأَدْنَاسِ وَلَكِنْ لَا يَخْلُو مِنَ الْغُبَارِ
وَمَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي ضِيَافَةِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ الْجَوْهَرِ سَلِمَ مِنَ الْغُبَارِ وَجَمِيعِ مَا يُتَّقَى مِنْهُ وَيُصَانُ عَنْهُ وَلَمْ يَزَلْ طَرِيًّا نَقِيًّا لِأَنَّ قَلْبَهُ
[ ص: 221 ] حَيِيٌّ بِاللَّهِ بِحَيَاةِ الْجَوْهَرِ فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(الْإِيمَانُ حُلْوٌ نَزِهٌ فَنَزِّهُوهُ
أَحَبُّ الْقُلُوبِ إِلَى اللَّهِ
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوَانِيَ فِي الْأَرْضِ أَلَا وَهِيَ الْقُلُوبُ وَأَحَبُّ الْقُلُوبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَصْفَاهَا وَأَرَقُّهَا وَأَصْلَبُهَا
فَأَصْفَاهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَأَصْلَبُهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى 77 وَأَرَقُّهَا لِلْإِخْوَانِ
وَقَالَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
(وَلَسْتُ أَسْكُنُ الْبُيُوتَ وَأَيُّ بَيْتٍ يَسَعُنِي وَالسَّمَوَاتِ حَشْوُ كُرْسِيٍّ وَإِنِّي فِي قَلْبِ الْوَادِعِ الضَّعِيفِ لَيِّنِ الْقَلْبِ
فَحَيَاةُ الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنِّي فِي ذَلِكَ الْقَلْبِ مَثَلُ التَّقْوَى