nindex.php?page=treesubj&link=33142مثل الحمد للموحدين
مثل الحمد للموحدين مثل رجل يأخذ من حريفه من حانوته الشيء بعد الشيء فإذا اجتمع شيء أدى وأخذ بعد ذلك حتى تخف عنه أثقال الدين فإذا لم يؤد واجتمع المأخوذ
[ ص: 158 ] وتراكم عليه الدين واقتضى فلم يوجد يوشك أن يقطع عنه ما كان يعطى ويقول صاحب الحانوت أد ما اجتمع وخذ ما بقي فيرده خائبا ويقطع عنه
فأسبغ الله تعالى النعم فلو ذهبنا نعد نعمه لم نحصها ولذلك قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ثم قال
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إن الله لغفور رحيم
فأهل رحمته هم الذين عصمهم الله من الاختلاف وقصدوا بقلوبهم عبادة خالقهم وربهم ولم يلتفتوا إلى معبود غيره قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118ولا يزالون مختلفين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119إلا من رحم ربك nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119ولذلك خلقهم
قوله خلقهم أي خلقهم للرحمة فلما خلقهم للرحمة أعطاهم ثمن النعمة وهو الاعتراف بأن النعم كلها من الله تعالى وذلك كلمة الحمد فصير توحيده في كلمة لا إله إلا الله وتنزيهه في سبحان الله وتعظيمه في الله أكبر وشكر نعمه في الحمد لله
[ ص: 159 ] حدثنا
سليمان بن العباس الهاشمي أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأس الشكر الحمد لله وما شكر الله عبده إلا بحمده فالشكر أصله في القلب ومعرفة العبد بربه أنه لا شريك له وفرعه على اللسان وهو كلمة لا إله إلا الله وتحقيقه في الطاعات فمن أكثر قول لا إله إلا الله فإنه يحط خطاياه ومن أكثر من قول الحمد لله فإنه يحط عن نفسه أثقال الشكر فعلمنا ربنا هذه الكلمة فنرددها على الألسنة حتى نكون في مثال ما مر بنا من المثل فنكون بمنزلة من يأخذ من حريفه الشيء بعد الشيء فإذا اجتمع أدى قليلا قليلا ثم يترك الأداء بغفلة حتى يركبه الدين ويثقل عليه فيعجز عن الأداء كما كان ها هنا إذا اجتمع عليه الحساب وتراكم فلم يقض انقطع ولم يعط النعم فإذا تراكمت ولم يواتر العبد بكلمة الحمد لم يأمن انقطاع النعم فرحم الله العباد فأعطاهم هذه الكلمة ليخففوا عن أنفسهم أثقال النعم ثم وضعت لهم هذه الكلمة في صلاتهم عند رفع الرءوس من الركوع فيقول سمع الله لمن حمده فصار هذا دعاء من قائل هذا القول لنفسه ولجميع الموحدين لأن كل مصل من الموحدين يقول هذا في صلاته من
[ ص: 160 ] المفروض وغير المفروض فليست هذه كلمة يخص بها نفسه وإنما هي 67 لكل من حمده
فأول من نطق بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم عن تعليم
جبريل عليه السلام إياه
وروي
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه إذا قال الإمام سمع الله [ ص: 161 ] لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإن الله تعالى قال ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=10051وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال (سمع الله لمن حمده قال (اللهم ربنا لك الحمد) كي لا يخلي نفسه من مقالة الحمد حتى يدخل في ذلك الدعاء
واعلم أن هذه الكلمة قول الله تعالى فما ظن من عقل هذا أن الله تبارك اسمه يدعو لعبده أين محل هذا الدعاء وماذا يخرج للعبد من هذا الدعاء ودعاء الرب أن يسأل بنفسه من نفسه للعبد وهو كقوله إن الله تعالى يصلي على العباد وقال الله تعالى في تنزيله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما فإذا قال سمع الله لمن حمده ثم حمده العبد فقد سبقت دعوته للعبد وسمع ذلك له فقد أوجب للعبد
فهذه كلمة دقيقة خرجت من الله تعالى للعباد ثم خرجت من الرسول صلى الله عليه وسلم مقالته للعباد ثم خرجت من الجميع بعض لبعض فإذا قال العبد الواحد الحمد لله ثم ذكر في هذا وجد الله قد قال له سمع الله له ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال (سمع الله ووجد جميع الموحدين قد قالوا فعظم شأن هذه الكلمة
nindex.php?page=treesubj&link=33142مَثَلُ الْحَمْدِ لِلْمُوَحِّدِينَ
مَثَلُ الْحَمْدِ لِلْمُوَحِّدِينَ مَثَلُ رَجُلٍ يَأْخُذُ مِنْ حَرِيفِهِ مِنْ حَانُوتِهِ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فَإِذَا اجْتَمَعَ شَيْءٌ أَدَّى وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَخِفَّ عَنْهُ أَثْقَالُ الدِّينِ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ وَاجْتَمَعَ الْمَأْخُوذُ
[ ص: 158 ] وَتَرَاكَمَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَاقْتَضَى فَلَمْ يُوجَدْ يُوشِكُ أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ يُعْطَى وَيَقُولُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ أَدِّ مَا اجْتَمَعَ وَخُذْ مَا بَقِيَ فَيَرُدُّهُ خَائِبًا وَيَقْطَعُ عَنْهُ
فَأَسْبَغَ اللَّهُ تَعَالَى النِّعَمَ فَلَوْ ذَهَبْنَا نَعُدُّ نِعَمَهُ لَمْ نُحْصِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
فَأَهْلُ رَحْمَتِهِ هُمُ الَّذِينَ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَقَصَدُوا بِقُلُوبِهِمْ عِبَادَةَ خَالِقِهِمْ وَرَبِّهِمْ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَعْبُودِ غَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=119وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ
قَوْلُهُ خَلَقَهُمْ أَيْ خَلَقَهُمْ لِلرَّحْمَةِ فَلَمَّا خَلَقَهُمْ لِلرَّحْمَةِ أَعْطَاهُمْ ثَمَنَ النِّعْمَةِ وَهُوَ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ كَلِمَةُ الْحَمْدِ فَصَيَّرَ تَوْحِيدَهُ فِي كَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَتَنْزِيهُهُ فِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعْظِيمُهُ فِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَشُكْرُ نِعَمِهِ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ
[ ص: 159 ] حَدَّثْنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيَّ أَخْبَرْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَأْسُ الشُّكْرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَا شَكَرَ اللَّهُ عَبْدَهُ إِلَّا بِحَمْدِهِ فَالشُّكْرُ أَصْلُهُ فِي الْقَلْبِ وَمَعْرِفَةُ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ أَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفَرْعُهُ عَلَى اللِّسَانِ وَهُوَ كَلِمَةٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَتَحْقِيقُهُ فِي الطَّاعَاتِ فَمَنْ أَكْثَرَ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهُ يَحُطُّ خَطَايَاهُ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِ الْحَمْدِ لِلَّهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ نَفْسِهِ أَثْقَالَ الشُّكْرِ فَعَلِّمْنَا رَبَّنَا هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَنُرَدِّدُهَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ حَتَّى نَكُونَ فِي مِثَالٍ مَا مَرَّ بِنَا مِنَ الْمَثَلِ فَنَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ حَرِيفِهِ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فَإِذَا اجْتَمَعَ أَدَّى قَلِيلًا قَلِيلًا ثُمَّ يَتْرُكُ الْأَدَاءَ بِغَفْلَةٍ حَتَّى يَرْكَبَهُ الدَّيْنُ وَيَثْقُلَ عَلَيْهِ فَيَعْجِزُ عَنِ الْأَدَاءِ كَمَا كَانَ هَا هُنَا إِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَتَرَاكَمَ فَلَمْ يَقْضِ انْقَطَعَ وَلَمْ يُعْطَ النِّعَمَ فَإِذَا تَرَاكَمَتْ وَلَمْ يُوَاتِرِ الْعَبْدُ بِكَلِمَةِ الْحَمْدِ لَمْ يَأْمَنِ انْقِطَاعَ النِّعَمِ فَرَحِمَ اللَّهُ الْعِبَادَ فَأَعْطَاهُمْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لِيُخَفِّفُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَثْقَالَ النِّعَمِ ثُمَّ وَضَعَتْ لَهُمْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي صَلَاتِهِمْ عِنْدَ رَفْعِ الرُّءُوسِ مِنَ الرُّكُوعِ فَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَصَارَ هَذَا دُعَاءً مِنْ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ لِنَفْسِهِ وَلِجَمِيعِ الْمُوَحِّدِينَ لِأَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ يَقُولُ هَذَا فِي صَلَاتِهِ مِنَ
[ ص: 160 ] الْمَفْرُوضِ وَغَيْرِ الْمَفْرُوضِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ كَلِمَةٌ يَخُصُّ بِهَا نَفْسَهُ وَإِنَّمَا هِيَ 67 لِكُلِّ مَنْ حَمِدَهُ
فَأَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَذَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَعْلِيمِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ
وَرُوِيَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ [ ص: 161 ] لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10051وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ (اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) كَيْ لَا يُخَلِّي نَفْسَهُ مِنْ مَقَالَةِ الْحَمْدِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءِ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا ظَنُّ مَنْ عَقَلَ هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ يَدْعُو لِعَبْدِهِ أَيْنَ مَحَلُّ هَذَا الدُّعَاءِ وَمَاذَا يَخْرُجُ لِلْعَبْدِ مِنْ هَذَا الدُّعَاءِ وَدُعَاءُ الرَّبِّ أَنْ يَسْأَلَ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِلْعَبْدِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَلِّي عَلَى الْعِبَادِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَنْزِيلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا فَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ حَمِدَهُ الْعَبْدُ فَقَدْ سَبَقَتْ دَعْوَتُهُ لِلْعَبْدِ وَسَمِعَ ذَلِكَ لَهُ فَقَدْ أَوْجَبَ لِلْعَبْدِ
فَهَذِهِ كَلِمَةٌ دَقِيقَةٌ خَرَجَتْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعِبَادِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتُهُ لِلْعِبَادِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنَ الْجَمِيعِ بَعْضٌ لِبَعْضٍ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْوَاحِدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي هَذَا وَجَدَ اللَّهَ قَدْ قَالَ لَهُ سَمِعَ اللَّهُ لَهُ وَوَجَدَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ (سَمِعَ اللَّهُ وَوَجَدَ جَمِيعَ الْمُوَحِّدِينَ قَدْ قَالُوا فَعَظُمَ شَأْنُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ