، ( بحيث يصلح للقضاء ) والإفتاء بأن يكون مجتهدا مطلقا وما يتوقف عليه ذلك من علوم العربية وأصول الفقه وعلم الحساب المضطر إليه في المواريث والإقرارات والوصايا وغير ذلك مما يأتي في باب القضاء ، فتجب الإحاطة بذلك كله لشدة الحاجة إلى ذلك ، وبما تقرر علم أن بحيث إلخ متعلق بعلوم خلافا لما يوهمه كلام شارح ، وتعريف الفروع للتفنن ؛ أو لأنها لم تشتهر مرادا بها الفقهيات لا مع التعريف دون سابقيها . ( و ) القيام ( بعلوم الشرع كتفسير وحديث والفروع ) الفقهية زائدا على ما لا بد منه
وبحث الفخر الرازي أنه ، وعلله بأن القرآن متواتر ومعرفته متوقفة على معرفة اللغة فلا بد أن تثبت بالتواتر حتى يحصل الوثوق بقولهم فيما سبيله القطع ويرد بأن كتبها متواترة وتواتر الكتب معتد به كما صرحوا به فينبغي حصول فرضهما بمعرفة الآحاد كما اقتضاه إطلاقهم لتمكنهم من إثبات ما نوزع فيه من تلك الأصول بالقطع المستند لما في كتب ذلك الفن ، ولا يكفي في إقليم مفت وقاض واحد لعسر مراجعته ، بل لا بد من تعددهما بحيث لا يزيد ما بين كل مفتيين على مسافة القصر وقاضيين على مسافة العدوى لكثرة الخصومات ، أما ما يحتاج إليه في فرض عيني أو في فعل آخر أراد مباشرته ولو بوكيله ، فتعلم ظواهر أحكامه غير النادرة فرض عين ، وعليه حمل الخبر الحسن { لا يحصل فرض الكفاية في اللغة والنحو [ ص: 215 ] إلا بمعرفة جمع يبلغون حد التواتر : التفقه في الدين حق على كل مسلم } ، ونقل ابن الصلاح عن الفراوي أنه تحرم وفيه نظر الإقامة ببلد لا مفتي به
وقضية ما مر من اعتبار مسافة القصر بين كل مفتيين أن الحرمة خاصة ببلد بينه وبين المفتي أكثر من مسافة القصر وبتسليم عمومه ينبغي زوال الحرمة بأن يكون بالبلد من يعرف الأحكام الظاهرة غير النادرة ؛ لما تقرر أنها التي يحب تعلمها عينا بفرض الاحتياج إليها ، ويجبر الحاكم وجوبا أهل كل بلد تركوا تعلم ذلك عليه ، قال الماوردي وغيره : وإنما يتوجه على كل مكلف حر ذكر غير بليد مكفي ولو فاسقا ، لكن لا يسقط به ؛ إذ لا تقبل فتواه ويسقط بالعبد والمرأة على أحد وجهين [ ص: 216 ] وإن لم يدخلا ا هـ ووقع في الروضة عنه ما يقتضي خلاف ما ذكر في مسألة الوجهين وأوجههما ما ذكر من السقوط وبقوله : غير بليد مع قول فرض الكفاية في العلم المصنف : أن الاجتهاد المطلق انقطع من نحو ثلثمائة سنة ، يعلم أنه لا إثم على الناس اليوم بتعطيل هذا الفرض ، وهو بلوغ درجة الاجتهاد المطلق ؛ لأن الناس كلهم صاروا بلداء بالنسبة إليها قبل الفروع إن عطف على تفسير اقتضى بقاء شيء من علوم الشرع لم يذكره أو على علوم اقتضى أنه من غير علوم الشرع وكلاهما فاسد ا هـ . ويرده ما قدمناه في الخطبة أن علوم الشرع قد يراد بها تلك الثلاثة فقط ، وهي عرفهم في باب الوصية ونحوها ، وقد يراد بها هي وآلاتها وهي عرفهم في مواضع أخر منها هذا ؛ لما صرحوا به أن الكل فرض كفاية ، فحينئذ هو معطوف على تفسير ، ولا فساد فيه خلافا لمن وهم فيه ، ثم رأيت شارحا أشار لشيء من ذلك كابن الصلاح