( ولا ) يقتل ، وإن لم يلق سلاحه ولا ( مثخنهم ) بفتح الخاء من أثخنته الجراحة أضعفته ولا من ألقى سلاحه أو أغلق بابه ( و ) لا ( أسيرهم ) لخبر تارك القتال منهم الحاكم بذلك واقتداء بما جاء في ذلك كله بسند حسن عن والبيهقي علي يوم الجمل نعم لو ولوا مجتمعين تحت راية زعيمهم اتبعوا حتى يتفرقوا [ ص: 72 ] ولا قود بقتل أحد هؤلاء لشبهة رضي الله عنه ويسن أن أبي حنيفة فيكره ما لم يقصد قتله ( تنبيه ) يتجنب قتل رحمه ما أمكنه
استعمل يقاتل مريدا به حقيقة المفاعلة فيمن يتأتى منه كالمدبر وأصل الفعل فيمن لا يتأتى منه كالمثخن ولا محذور فيه بل فيه نوع بلاغة فلا اعتراض عليه ( وإن كان صبيا أو امرأة ) وقنا ( حتى تنقضي الحرب ويتفرق جمعهم ) تفرقا لا يتوقع جمعهم بعده وهذا في رجل حر وكذا في مراهق وامرأة وقن قاتلوا وإلا أطلقوا بمجرد انقضاء الحرب ( إلا أن يطيع ) الحر الكامل الإمام بمتابعته له ( باختياره ) أي وتقوم قرينة على صدقه فيما يظهر فيطلق ، وإن بقيت الحرب لأمن ضرره ( ولا يطلق ) أسيرهم إن كان فيه منعة
أي شرهم بعودهم للطاعة أو تفرق شملهم تفرقا لا يلتئم نظير ما مر في إطلاقهم ( ولا يستعمل ) ( ويرد ) وجوبا مالهم و ( سلاحهم وخيلهم إليهم إذا انقضت الحرب وأمنت غائلتهم ) أو غيره أي لا يجوز ذلك ( إلا لضرورة ) كخوف انهزام أهل العدل أو نحو قتلهم لو لم يستعملوا ذلك نعم تلزمهم أجرة ذلك على ما اقتضاه كلام الروضة كمضطر أكل طعام غيره يلزمه قيمته وقضية كلام الأنوار أنها لا تلزم ولا يرد عليه المضطر ؛ لأن الضرورة لم تنشأ من المالك بخلاف ما هنا ومع ذلك فالذي يتجه أن استعمالها إن كان في القتال أو لضرورته لم يضمنها ولا منفعتها كما علم مما مر وإلا ضمنهما ما أخذ منهم من نحو سلاح وخيل ( في قتال )
وإلقاء حيات ؛ لأن القصد ردهم للطاعة وقد يرجعون فلا يجدون للنجاة سبيلا ( إلا لضرورة بأن قاتلوا به أو أحاطوا بنا ) ولم يندفعوا إلا به قال ( ولا يقاتلون بعظيم ) يعم ( كنار ومنجنيق ) وتغريق البغوي بقصد الخلاص منهم لا بقصد قتلهم ويظهر أن هذا مندوب لا واجب قال المتولي ويلزم الواحد منا مصابرة اثنين منهم ولا يولي إلا متحرفا أو متحيزا وظاهره جريان الأحكام الآتية في مصابرة الكفار هنا إلا إن اضطررنا لذلك ( ولا بمن يرى قتلهم مدبرين ) أو أسراء أو التذفيف على جريحهم لعداوة أو اعتقاد كالحنفي أي لا يجوز لنحو شافعي الاستعانة بأولئك ؛ لأن القصد ردهم للطاعة وأولئك يتدينون بقتلهم نعم إن احتجنا لذلك جاز إن كان لهم نحو جراءة وحسن إقدام وأمكننا دفعهم لو أرادوا قتل واحد ممن ذكر ( ولا يستعان عليهم [ ص: 73 ] بكافر ) ذمي أو غيره
قال الماوردي ويشترط أن يشرط عليهم الامتناع من ذلك ويثق بوفائهم به انتهى ويظهر أن ذلك يأتي في الاستعانة بالكافر أيضا إلا إن ألجأت الضرورة إليهم مطلقا ولا يخالف ما هنا جواز استخلاف الشافعي للحنفي مثلا ؛ لأن الخليفة مستبد برأيه واجتهاده وهؤلاء تحت راية الإمام ففعلهم منسوب له فوجب كونهم على اعتقاده ( ولو ) بالمد أي عقدوا لهم أمانا ليقاتلونا معهم ( لم ينفذ أمانهم علينا ) للضرر فنعاملهم معاملة الحربيين ( ونفذ ) الأمان ( عليهم في الأصح ) ؛ لأنهم آمنوهم من أنفسهم ولو قالوا وقد أعانوهم ظننا أنه يجوز إعانة بعضكم على بعض أو أنهم المحقون ولنا إعانة الحق أو أنهم استعانوا بنا على كفار وأمكن صدقهم بلغناهم المأمن وأجرينا عليهم فيما صدر منهم أحكام البغاة هذه هي العبارة الصحيحة استعانوا علينا بأهل الحرب وآمنوهم
وأما من عبر بقوله بلغناهم المأمن وقاتلناهم كبغاة فقد تجوز وإلا ففي الجمع بين تبليغ المأمن ومقاتلتهم كبغاة تناف لأن قتالهم كبغاة إن كان بعد تبليغ المأمن فغير صحيح ؛ لأنهم بعد بلوغ المأمن حربيون فليقاتلوا كالحربيين وقبل بلوغه لا يقاتلون أصلا فالوجه أنهم لعذرهم يبلغون المأمن وبعده يقاتلون كحربيين [ ص: 74 ] أما لو آمنوهم تأمينا مطلقا فينفذ علينا أيضا فإن قاتلونا معهم انتقض الأمان في حقنا وحقهم