( الحجاز ) يعني [ ص: 281 ] الإقامة به ولو من غير استيطان كما أفهمه قوله : بعد وقيل له الإقامة إلخ وأفهم كلامهم أن له شراء أرض فيه لم يقم بها وهو متجه وإن قيل : الصواب منعه ؛ لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه ويرد بأن هذا ليس من ذاك كما هو واضح إذ لا يجر اتخاذ هذا إلى استعماله قطعا وإنما منع من ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز ؛ لأن من وصاياه صلى الله عليه وسلم عند موته { العرب } متفق عليه وفي رواية أخرجوا المشركين من جزيرة { للبيهقي اليهود من الحجاز } وفي أخرى { آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب } قال أخرجوا ليس المراد جميعها بل الحجاز منها ؛ لأن الشافعي عمر رضي الله عنه أجلاهم منه وأقرهم باليمن مع أنه منها إذ هي طولا من عدن إلى ريق العراق وعرضا من جدة وما والاها من ساحل البحر إلى الشام وعكس ذلك في القاموس وأيد بأن المشاهدة قاضية بخلاف الأول أي وإن نقله الرافعي عن الأصمعي وتبعوه سميت بذلك لإحاطة بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات بها . ( وهو ) أي الحجاز سمي بذلك ؛ لأنه حجز بين نجد وتهامة . ( مكة والمدينة واليمامة ) مدينة على أربع مراحل من مكة ومرحلتين من الطائف وقال شراح بينها وبين البخاري : الطائف مرحلة واحدة سميت باسم الزرقاء التي كانت تنظر من مسيرة ثلاثة أيام . ( تنبيه )
ما ذكروه من أن اليمامة على مرحلتين أو مرحلة من الطائف خلاف المشهور اليوم أن اليمامة اسم لبلد مسيلمة الكذاب التي تنبأ فيها وجهز إليه أبو بكر رضي الله عنه زمن خلافته الجم الغفير من الصحابة فكان بها قتله والوقعة المشهورة وهذه على نحو عشرين مرحلة من مكة ؛ لأنها في أقصى بلاد نجد وبها قبور الصحابة مشهورة تزار ويتبرك بها وبين التحديدين بون بائن ، ثم رأيت في القاموس كالنهاية ما يؤخذ منه أن اليمامة اسم لبلاد متعددة وحينئذ فكأن الأئمة أرادوا أن أولها منتهى الحجاز وما بينه وبين الطائف مرحلتان أو مرحلة دون ما عداه من بقية تلك البلاد وهو بلد مسيلمة وغيرها وعلى هذا فلا مخالفة بين كلام الأئمة وما هو المشهور وعبارة القاموس واليمامة القصد كاليمام وجارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام وبلاد الجو منسوبة إليها سميت باسمها أكثر نخيلا من سائر الحجاز وبها تنبأ مسيلمة الكذاب وهي دون المدينة في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة ومن الكوفة نحوها وبين في الجو أنه موضع بالحجاز في ديار أشجع وبين في أشجع أنه من غطفان أبو قبيلة فإن قلت ظاهر كلام القاموس أن تلك البلاد كلها من الحجاز قلت لا نظر إليه في ذلك على أنه عرف الحجاز بأنه مكة والمدينة والطائف ومخاليفها فلم يجعل اليمامة منه أصلا إلا إن أريد أنها من مخاليف الطائف فيؤيد ما ذكرته وهو أنا لا نعتبر من البلاد المسماة باليمامة لا المنسوبة للطائف وهي ما على مرحلتين أو مرحلة منها دون ما عدا تلك البلاد فتأمل ذلك فإنه مهم . ( وقرأها ) أي الثلاث [ ص: 282 ] كالطائف وجدة وكخيبر و الينبع وما أحاط بذلك من مفاوزه وجباله وغيرها . ( وقيل له الإقامة في طرقه الممتدة ) بين هذه البلاد ؛ لأنها لم تعتد فيها نعم التي بحرم مكة يمنعون منها قطعا كما يعلم من كلامه الآتي ؛ لأن الحرمة للبقعة وفي غيره لخوف اختلاطهم بأهله ولا يمنعون ركوب بحر خارج الحرم بخلاف جزائره المسكونة أي وغيرها وإنما قيدوا بها للغالب قال القاضي ولا يمكنون من المقام في المراكب أكثر من ثلاثة أيام كالبر قال ابن الرفعة ولعله أراد إذا أذن الإمام وأقام بموضع واحد وهو ظاهر معلوم مما يأتي