ثم الدليل على جوازه ما ذكره الزهري رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر بقطع نخيل بني النضير فشق ذلك عليهم حتى نادوه ما كنت ترضى [ ص: 32 ] بالفساد يا أبا القاسم فما بال النخيل تقطع فأنزل الله تعالى { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها } } الآية واللينة النخلة الكريمة فيما ذكره المفسرون { وأمر بقطع النخيل بخيبر حتى أتاه رضي الله عنه فقال : أليس إن الله تعالى وعد لك عمر خيبر فقال : نعم ، فقال : إذا تقطع نخيلك ونخيل أصحابك فأمر بالكف عن ذلك } { ولما حاصر ثقيفا أمر بقطع النخيل والكروم حتى شق ذلك عليهم وجعلوا يقولون الحبلة لا تحمل إلا بعد عشرين سنة فلا عيش بعد هذا } ففي هذا بيان أنهم يذلون بذلك وأن فيه كبتا وغيظا لهم وقد أمرنا بذلك قال الله تعالى { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار } { ولما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوطاس يريد الطائف بدا له قصر عوف بن مالك النضري فأمر بأن يحرق } وفيه يقول رضي الله عنه حسان بن ثابت
وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
فهذه الآثار تدل على جواز ذلك كله وكان رحمه الله تعالى يقول : هذا إذا علم أنه ليس في ذلك الحصن أسير مسلم فأما إذا لم يعلم ذلك فلا يحل التحريق والتغريق لأن التحرز عن قتل المسلم فرض وتحريق حصونهم مباح والأخذ بما هو الفرض أولى ولكنا نقول : لو منعناهم من ذلك يتعذر عليهم قتال المشركين والظهور عليهم والحصون قلما تخلو عن أسير وكما لا يحل قتل الأسير لا يحل قتل النساء والولدان ثم لا يمتنع تحريق حصونهم بكون النساء والولدان فيها فكذلك لا يمتنع ذلك بكون الأسير فيها ولكنهم يقصدون المشركين بذلك لأنهم لو قدروا على التمييز فعلا لزمهم ذلك فكذلك إذا قدروا على التمييز بالنية يلزمهم ذلك . الحسن بن زياد