الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا تاب أهل البغي ، ودخلوا إلى أهل العدل لم يؤخذوا بشيء مما أصابوا ، يعني بضمان ما أتلفوا من النفوس ، والأموال ، ومراده إذا أصابوا ذلك بعد ما تجمعوا ، وصاروا أهل منعة ، فأما ما أصابوا قبل ذلك ضامنون لذلك ; لأنا أمرنا [ ص: 128 ] في حقهم بالمحاجة والإلزام بالدليل ، فلا يعتبر تأويلهم الباطل في إسقاط الضمان قبل أن يصيروا أهل منعة ، فأما بعد ما صارت لهم منعة فقد انقطع ولاية الإلزام بالدليل حسا فيعتبر تأويلهم ، وإن كان باطلا في إسقاط الضمان عنهم كتأويل أهل الحرب بعد ما أسلموا ، والأصل فيه حديث الزهري قال : وقعت الفتنة ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا متوافرين فأنفقوا على أن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل فرج استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل مال أتلف بتأويل القرآن فهو موضوع ، وما كان قائما بعينه في أيديهم فهو مردود على صاحبه ; لأنهم لم يملكوا ذلك بالأخذ كما أنا لا نملك عليهم ما لهم ، والتسوية بين الفئتين المتقاتلتين بتأويل الدين في الأحكام أصل ، وقد روي عن محمد قال : أفتيهم إذا تابوا بأن يضمنوا ما أتلفوا من النفوس ، والأموال ، ولا ألزمهم ذلك في الحكم وهذا صحيح ، فإنهم كانوا معتقدين الإسلام ، وقد ظهر لهم خطؤهم في التأويل إلا أن ولاية الإلزام كان منقطعا للمنعة فلا يجبر على أداء الضمان في الحكم ، ولكن يفتى به فيما بينه وبين ربه ، ولا يفتي أهل العدل بمثله ; لأنهم محقون في قتالهم وقتلهم ممتثلون للأمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية