الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن صالحوهم على مائة رأس بأعيانهم أول السنة ، وقالوا أمنونا على أن هؤلاء لكم ، ونصالحكم ثلاث سنين مستقبلة على أن نعطيكم كل سنة مائة رأس من رقيقنا فهذا جائز ; لأن المعينين في السنة الأولى لا تتناولهم الموادعة ، وباعتباره يثبت الأمان فإذا جعلوهم مستثنين من الموادعة بجعلهم إياهم عوضا للمسلمين صاروا مماليك للمسلمين بالموادعة ثم شرطوا في السنين المستقبلة مائة رأس من رقيقهم في كل سنة ، ورقيقهم قابل للملك والتملك بالبيع فكذا بالموادعة ، وهذا لأن الموادعة ليست بمال في نفسها ، واشتراط الحيوان دينا في الذمة بدلا عما ليس بمال صحيح إذا كان معلوم الجنس كما في النكاح ، والخلع ، وإذا وقع الصلح على هذا ثم سرق منه مسلم شيئا لم يصح شراء ذلك منه ; لأنهم استفادوا الأمان في أنفسهم وأموالهم ، ومال المستأمن لا يملك بالسرقة ، وإذا لم يملكه السارق لم يحل شراؤه منه ، ولأن ما صنعه غدر يؤدبه الإمام على ذلك إذا علمه منه ، وفي الشراء منه إغراء له هذا الغدر ، وتقرير ذلك لا يحل ، فإن أغار عليهم قوم من أهل الحرب جاز أن يشتري منهم ما أخذوا من أموالهم ورقيقهم ; لأنهم تملكوها عليهم بالإحراز ، ولو تملكوا ذلك من أموال المسلمين جاز شراؤها منهم فمن أموال أهل الحرب أولى ، ثم لا يرد عليهم شيء من ذلك مجانا ، ولا بالثمن ; لأنهم بالموادعة ما خرجوا من أن يكونوا أهل حرب حين لم ينقادوا لحكم الإسلام فلا يجب على المسلمين القيام بنصرتهم ، وبه فارق مال المسلمين ، وأهل الذمة ، ولا يمنع التجار من حمل التجارات إليهم إلا الكراع ، والسلاح ، والحديد ; لأنهم أهل حرب [ ص: 89 ] وإن كانوا موادعين . ألا ترى أنهم بعد مضي المدة يعودون حربا للمسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية