. باب معاملة الجيش مع الكفار
( قال ) رضي الله عنه وإذا لا يحل لهم أن يقاتلوهم حتى يدعوهم إلى الإسلام ليعرفوا أنهم على ماذا يقاتلون وهو معنى حديث غزا الجيش أرضا لم تبلغهم الدعوة رضي الله تعالى عنهما { ابن عباس } ولو قاتلوهم بغير دعوة كانوا آثمين في ذلك ولكنهم لا يضمنون شيئا مما أتلفوا من الدماء والأموال عندنا وقال ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى دعاهم إلى الإسلام رحمه الله تعالى : في القديم يضمنون ذلك لبقاء صفة الحقن والعصمة إلا أن يوجد الإباء منهم ولا يتحقق ذلك إلا أن تبلغهم الدعوة ولكنا نقول : العصمة المقومة تكون بالإحراز وذلك لم يوجد في حقهم ولئن كانت العصمة بالدين كما يدعيه الخصم فهو غير موجود في حقهم أيضا والقتال إما أن يكون للمحاربة كما يقوله علماؤنا رحمهم الله تعالى أو للشرك كما يقوله الخصم وذلك موجود في حقهم ولكن شرط الإباحة تقديم الدعوة فبدونه لا يثبت [ ص: 31 ] ومجرد حرمة القتل لا يكفي لوجوب الضمان كما في النساء والولدان منهم وكما نهى عن قتل من بلغته الدعوة منهم بطريق المثلة ثم لا يكون موجبا للضمان عليه على من فعله وإن كانوا قد بلغتهم الدعوة فإن هم دعوهم فحسن لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { الشافعي بعث في سرية وقال : لا تقاتلوهم حتى تدعوهم فإن أبوا فلا تقاتلوهم حتى يبدؤكم فإن بدؤكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم قتيلا ثم أروهم ذلك القتيل وقولوا لهم هل إلى خير من هذا سبيل ؟ فلأن يهدي الله تعالى على يديك خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت معاذا } وقد بينا أن المبالغة في الإنذار قد تنفع وإن تركوا ذلك فحسن أيضا لأنهم ربما لا يقوون عليهم إذا قدموا الإنذار والدعاء .