الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قتل العادل في الحرب أباه الباغي ورثه ; لأنه قتل بحق فلا يحرمه الميراث كالقتل رجما أو في قصاص ، وهذا لأن حرمان الميراث عقوبة شرعت جزاء على قتل محظور فالقتل المأمور به لا يصلح أن يكون سببا له ، وكذلك الباغي إذا قتل مورثه العادل [ ص: 132 ] يرثه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ، ولا يرثه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ; لأنه قتل بغير حق فيحرمه الميراث كما لو قتله ظلما من غير تأويل ، وهذا لأن اعتقاده تأويله لا يكون حجة على مورثه العادل ، ولا على سائر ورثته ، وإنما يعتبر ذلك في حقه خاصة يوضحه أن تأويل أهل البغي عند انضمام المنعة يعتبر على الوجه الذي يعتبر في حق أهل الحرب ، وتأثير ذلك في إسقاط ضمان النفس ، والمال لا في حكم التوريث إذ لا توارث بين المسلم والكافر ، فكذلك تأويل أهل البغي ، وهما يقولان : المقاتلة بين الفئتين بتأويل الدين فيستويان في الأحكام ، وإن اختلفا في الآثام كما في سقوط الضمان ، وكما في حق أهل الحرب مع المسلمين ، وكما أن قتل الباغي مورثه بغير حق فقتل الحربي كذلك بغير حق ثم لا يتعلق به حرمان الميراث ، حتى إذا جرح الكافر مورثه ثم أسلم ثم مات من تلك الجراحة ورثه ، وكما أن اعتقاده لا يكون حجة على العادل في حكم التوريث فكذلك في حكم سقوط حقه في الضمان لا يكون حجة ، ولكن قيل : لما انقطعت ولاية الإلزام بانضمام المنعة إلى التأويل جعل الفاسد من التأويل كالصحيح في ذلك الحكم فكذلك في حكم التوريث .

التالي السابق


الخدمات العلمية