فصل
قال : ( ابن إسحاق فلما بني تميم دخلوا المسجد ونادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اخرج إلينا يا قدم وفد محمد ، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم ، فخرج إليهم فقالوا : جئنا لنفاخرك ، فأذن لشاعرنا وخطيبنا ، قال : نعم ، قد أذنت لخطيبكم فليقم ، فقام عطارد بن حاجب فقال :
الحمد لله الذي جعلنا ملوكا ، الذي له الفضل علينا ، والذي وهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا ، وأيسره عدة ، فمن مثلنا في الناس ؟! ألسنا رءوس الناس وأولي فضلهم ، فمن فاخرنا فليعد مثل ما عددنا ، فلو شئنا لأكثرنا من [ ص: 449 ] الكلام ، ولكن نستحيي من الإكثار لما أعطانا ، أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا أو أمر أفضل من أمرنا ، ثم جلس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم فأجبه " فقام فقال : الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ، ولم يكن شيء قط إلا من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمه نسبا وأصدقه حديثا وأفضله حسبا ، فأنزل عليه كتابا ، وائتمنه على خلقه ، وكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله ، فآمن به المهاجرون من قومه ذوي رحمه ، أكرم الناس أحسابا ، وأحسنهم وجوها ، وخير الناس فعلا ، ثم كان أول الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن ، فنحن أنصار الله ووزراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نقاتل الناس حتى يؤمنوا ، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا ، وكان قتله علينا يسيرا ، أقول هذا وأستغفر الله العظيم للمؤمنين والمؤمنات ، والسلام عليكم لثابت بن قيس بن شماس ) .
ثم ذكر قيام الزبرقان وإنشاده ، وجواب حسان له بالأبيات المتقدمة ، فلما فرغ حسان من قوله قال الأقرع بن حابس : إن هذا الرجل خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا ، ثم أجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم