[ ص: 440 ] 627
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وستمائة
ذكر جلال الدين من كيقباذ والأشرف . انهزام
في هذه السنة يوم السبت الثامن والعشرين من رمضان ، انهزم جلال الدين بن خوارزم شاه من عبد الله بن كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان صاحب بلاد الروم ، قونية ، وأقصرا ، وسيواس ، وملطية ، وغيرها ، ومن ، صاحب الملك الأشرف دمشق وديار الجزيرة وخلاط .
وسبب ذلك أن جلال الدين كان قد أطاعه صاحب أرزن الروم ، وهو ابن عم علاء الدين ، ملك الروم ، وبينه وبين ملك الروم عداوة مستحكمة ، وحضر صاحب أرزن الروم عند جلال الدين على خلاط ، وأعانه على حصرها ، فخافهما علاء الدين ، فأرسل إلى الملك الكامل ، وهو حينئذ بحران ، يطلب منه أن يحضر أخاه الأشرف من دمشق ، فإنه كان مقيما بها بعد أن ملكها ، وتابع علاء الدين الرسل بذلك خوفا من جلال الدين ، فأحضر الملك الكامل أخاه الأشرف من دمشق ، فحضر عنده ، ورسل علاء الدين إليهما متتابعة ، يحث الأشرف على المجيء إليه والاجتماع به ، حتى قيل إنه في يوم واحد وصل إلى الكامل والأشرف من علاء الدين خمسة رسل ، ويطلب مع الجميع وصول الأشرف إليه ولو وحده ، فجمع عساكر الجزيرة والشام وسار إلى علاء الدين ، فاجتمعا بسيواس ، وسارا نحو خلاط ، فسمع جلال الدين بهما ، فسار إليهما مجدا في السير ، فوصل إليهما بمكان يعرف بباسي حمار ، وهو من أعمال أرزنجان ، فالتقوا هناك .
[ ص: 441 ] وكان مع علاء الدين خلق كثير ، قيل : كانوا عشرين ألف فارس ، وكان مع الأشرف نحو خمسة آلاف فارس ، إلا أنهم من العساكر الجيدة الشجعان ، لهم السلاح الكثير ، والدواب الفارهة من العربيات ، وكل منهم قد جرب الحرب . وكان المقدم عليهم أمير من أمراء عساكر حلب يقال له عز الدين عمر بن علي ، وهو من الأكراد الهكارية ، ومن الشجاعة في الدرجة العليا ، وله الأوصاف الجميلة والأخلاق الكريمة .
فلما التقوا ، بهت جلال الدين لما رأى من كثرة العساكر ، ولا سيما لما رأى عسكر الشام ، فإنه شاهد من تجملهم ، وسلاحهم ، ودوابهم ما ملأ صدره رعبا ، فأنشب عز الدين بن علي القتال ، ومعه عسكر حلب ، فلم يقم لهم جلال الدين ولا صبر ، ومضى منهزما هو وعسكره ، وتمزقوا لا يلوي الأخ على أخيه ، وعادوا إلى خلاط فاستصحبوا معهم من فيها من أصحابهم ، وعادوا إلى أذربيجان فنزلوا عند مدينة خوي ، ولم يكونوا قد استولوا على شيء من أعمال خلاط سوى خلاط ، ووصل إلى الملك الأشرف خلاط وقد استصحبوا معهم من فيها فبقيت خاوية على عروشها ، خالية من الأهل والسكان ، قد جرى عليهم ما ذكرناه قبل .