[ ص: 433 ] 493
ذكر بركيارق ببغداذ إعادة خطبة السلطان
في هذه السنة أعيدت الخطبة للسلطان بركيارق ببغداذ .
وسبب ذلك أن بركيارق سار في العام الماضي من الري إلى خوزستان ، فدخلها وجميع من معه على حال سيئة وكان أمير عسكره حينئذ ينال بن أنوشتكين الحسامي ، وأتاه غيره من الأمراء ، وسار إلى واسط ، فظلم عسكره الناس ، ونهبوا البلاد ، واتصل به الأمير صدقة بن مزيد ، صاحب الحلة ، ووثب على السلطان قوم ليقتلوه ، فأخذوا وأحضروا بين يديه ، فاعترفوا أن الأمير سرمز ، شحنة أصبهان ، وضعهم على قتله ، فقتل أحدهم وحبس الباقون ، وسار إلى بغداذ ، فدخلها سابع عشر صفر ، وخطب له ببغداذ يوم الجمعة منتصف صفر قبل وصوله بيومين .
وكان سعد الدولة كوهرائين بالشفيعي ، وهو في طاعة السلطان محمد ، فسار إلى داي مرج ، ومعه وغيره من الأمراء ، فأرسل إلى إيلغازي بن أرتق المؤيد ، والسلطان محمد يستحثهما على الوصول إليه ، فأرسلا إليه كربوقا ، صاحب الموصل ، وجكرمش ، صاحب جزيرة ابن عمر ، فأما جكرمش فاستأذن كوهرائين في العود إلى بلده ، وقال إنه قد اختلت الأحوال ، فأذن له ، وبقي مع كوهرائين جماعة من الأمراء ، فاتفقوا على أن يصدروا عن رأي واحد لا يختلفون ، ثم اتفقت آراؤهم على أن كتبوا إلى السلطان بركيارق يقولون له : اخرج إلينا ، فما فينا من يقاتلك .
[ ص: 434 ] وكان الذي أشار بذا كربوقا ، وقال لكوهرائين : إننا لم نظفر من محمد ومؤيد ، بطائل ، وكان منحرفا عن مؤيد ، . فسار بركيارق إليهم ، فترجلوا ، وقبلوا الأرض ، وعادوا معه إلى بغداذ ، وأعاد إلى كوهرائين جميع ما كان أخذ له من سلاح ودواب وغير ذلك ، واستوزر بركيارق ببغداذ الأعز أبا المحاسن عبد الجليل بن علي بن محمد الدهستاني ، وقبض على عميد الدولة بن جهير أبو بكر وزير الخليفة ، وطالبه بالحاصل من ديار بكر والموصل لما تولاها هو وأبوه أيام ملكشاه ، فاستقر الأمر على مائة ألف دينار وستين ألف دينار يحملها إليه ، وخلع الخليفة على السلطان بركيارق .