[ ص: 768 ] 426
ثم دخلت سنة ست وعشرين وأربعمائة
ذكر حال ببغداذ الخلافة والسلطنة
في هذه السنة انحل أمر الخلافة والسلطنة ببغداذ ، حتى إن بعض الجند خرجوا إلى قرية يحيى ، فلقيهم أكراد ، فأخذوا دوابهم ، فعادوا إلى قراح الخليفة ، فنهبوا شيئا من ثمرته ، وقالوا للعمالين فيه : أنتم عرفتم حال القائم بأمر الله الأكراد ولم تعلمونا .
فسمع الخليفة الحال ، فعظم عليه ، ولم يقدر جلال الدولة على أخذ أولئك الأكراد لعجزه ووهنه ، واجتهد في تسليم الجند إلى نائب الخليفة ، فلم يمكنه ذلك ، فتقدم الخليفة إلى القضاة ( بترك القضاء والامتناع عنه ) ، وإلى الشهود بترك الشهادة ، وإلى الفقهاء بترك الفتوى .
فلما رأى جلال الدولة ذلك سأل أولئك الأجناد ليجيبوه إلى أن يحملهم إلى ديوان الخلافة ، ففعلوا ، فلما وصلوا إلى دار الخلافة أطلقوا ، وعظم أمر العيارين ، وصاروا يأخذون الأموال ليلا ونهارا ، ولا مانع لهم لأن الجند يحمونهم على السلطان ونوابه ، والسلطان عاجز عن قهرهم ، وانتشر العرب في البلاد فنهبوا النواحي ، وقطعوا الطريق ، وبلغوا إلى أطراف بغداذ ، حتى وصلوا إلى جامع المنصور ، وأخذوا ثياب النساء في المقابر .