ثم دخلت سنة ثمانين وثلاثمائة
ذكر باذ قتل
في هذه السنة قتل باذ الكردي ، صاحب ديار بكر .
وكان سبب قتله أن أبا طاهر والحسين ابني حمدان لما ملكا الموصل طمع فيها باذ ، وجمع الأكراد فأكثر ، وممن أطاعه الأكراد البشنوية أصحاب قلعة فنك ، وكانوا كثيرا ، ففي ذلك يقول الحسين البشنوي الشاعر لبني مروان يعتد عليهم بنجدتهم خالهم باذا من قصيدة : البشنوية
أنصار لدولتكم وليس في ذا خفا في العجم والعرب أنصار باذ بأرجيش وشيعته
بظاهر الموصل الحدباء في العطب بباجلايا جلونا عنه غمته
ونحن في الروع جلاءون للكرب
فلما اجتمع أبو عبد الله وأبو الذواد سارا إلى بلد ، وعبرا دجلة ، وصارا مع باذ [ ص: 435 ] على أرض واحدة وهو لا يعلم ، فأتاه الخبر بعبورهما وقد قارباه ، فأراد الانتقال إلى الجبل لئلا يأتيه هؤلاء من خلفه وأبو طاهر من أمامه ، فاختلط أصحابه ، وأدركه الحمدانية ، فناوشوهم القتال ، وأراد باذ الانتقال من فرس إلى آخر ، فسقط واندقت ترقوته ، فأتاه ابن أخته أبو علي بن مروان ، وأراده على الركوب فلم يقدر ، فتركوه وانصرفوا واحتموا بالجبل .
ووقع باذ بين القتلى فعرفه بعض العرب فقتله وحمل رأسه إلى بني حمدان وأخذ جائزة سنية ، وصلبت جثته على دار الإمارة ، فثار العامة وقالوا : رجل غاز ، ولا يحل فعل هذا به . وظهر منهم محبة كثيرة له ، وأنزلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه .