باب فيمن أحيا أرضا مواتا سألت عمن الشافعي فهو له دون غيره ولا أبالي أعطاه إياه السلطان أو لم يعطه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه وإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان فقلت : فما الحجة فيما قلت ؟ قال : ما رواه أحيا أرضا مواتا فقال : إذا لم يكن للموات مالك فمن أحيا من أهل الإسلام عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بعض أصحابه ( قال مالك ) : أخبرنا الشافعي عن مالك هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } ( قال من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ) : أخبرنا الشافعي عن مالك ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن قال : من أحيا أرضا ميتة فهي له . عمر بن الخطاب
( قال ) : وأخبرنا الشافعي سفيان وغيره بإسناد غير هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه ( قال ) : وبهذا نأخذ وعطية رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضا مواتا أنها له أكثر له من عطية الوالي ، فقلت الشافعي : فإنا نكره أن يحيي الرجل أرضا ميتة إلا بإذن الوالي ( قال للشافعي ) : رحمه الله فكيف خالفتم ما رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم الشافعي وهذا عندكم سنة وعمل بعدهما وأثبتم للوالي أن يعطي وليس للوالي أن يعطي أحدا ما ليس له ولا يمنعه ماله ولا على أحد حرج أن يأخذ ماله وإذا أحيا أرضا ميتة فقد أخذ ماله ولا دافع عنها فيقال للرجل فيما لا دافع عنه وله أخذه : لا تأخذ إلا بإذن سلطان فإن قال قائل للرجل فيما لا بد للسلطان أن يكشف أمره فهو لا يكشف إلا وهو معه خصم والظاهر عنده أنه لا مالك لها فإذا أعطاها رجلا ، ثم جاءه من يستحقها دونه ردها إلى مستحقها وكذلك لو أخذها وأحياها بغير إذنه فلا أثبتم للسلطان فيها معنى إنما كان له معنى لو كان إذا أعطاه لم يكن لأحد استحقها أخذها من يديه فأما ما كان لأحد لو استحقها بعد إعطاء السلطان إياها أخذها من يديه فلا معنى له إلا بمعنى أخذ الرجل إياها لنفسه ( قال وعمر ) : وهذا التحكم في العلم تدعون ما تروون عن النبي صلى الله عليه وسلم الشافعي لا يخالفهما أحد علمناه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لرأيكم وتضيقون على غيركم أوسع من هذا ، فقلت وعمر : فهل خالفك في هذا غيرنا ؟ فقال : ما علمت أحدا من الناس خالف في هذا غيركم وغير من رويتم هذا عنه إلا للشافعي فإني أراكم سمعتم قوله فقلتم به ولقد خالفه أبا حنيفة فقال فيه مثل قولنا وعاب قول أبو يوسف بخلاف السنة ( قال أبي حنيفة ) : رحمه الله تعالى ومما في معنى ما خالفتم فيه ما رويتم فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمن بعده لا مخالف له أن الشافعي أخبرنا عن مالكا عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 244 ] قال : { } قال : ثم أتبعه في كتابه حديثا كأنه يرى أنه تفسيره ( قال لا ضرر ولا ضرار ) : أخبرنا الشافعي عن مالك ابن شهاب عن عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } قال : ثم يقول لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره : مالي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم ( قال أبو هريرة ) : ثم أتبعهما حديثين الشافعي كأنه يراهما من صنفه ( قال لعمر ) رحمه الله تعالى : أخبرنا الشافعي عن مالك عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مسلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك فدعا عمر بن الخطاب بمحمد بن مسلمة وأمره أن يخلي سبيله فقال : لا فقال ابن مسلمة : لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع ؟ تشرب به أولا وآخرا ولا يضرك فقال عمر محمد : لا فقال : والله ليمرن به ولو على بطنك . عمر
( قال ) : أخبرنا الشافعي عن مالك عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه كان في حائط جده ربيع فأراد لعبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه فمنعه صاحب الحائط فكلم عبد الرحمن فقضى عمر أن يمر به فمر به ( قال عمر ) : رحمه الله تعالى فرويتم في هذا الكتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا ثابتا وحديثين عن الشافعي ثم خالفتموها كلها فقلتم في كل واحد منها لا يقضى بها على الناس وليس عليها العمل ولم ترووا عن أحد من الناس علمته خلافها ولا خلاف واحد منها فعمل من تعني تخالف به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن يكون ذلك العمل مردودا عندنا وتخالف عمر بن الخطاب مع السنة لأنه يضيق خلاف عمر وحده فإذا كانت معه السنة كان خلافه أضيق مع أنك أحلت على العمل وما عرفنا ما تريد بالعمل إلى يومنا هذا وما أرانا نعرفه ما بقينا . والله أعلم . عمر