قوله عز وجل:
ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون
هذه أيضا مخاطبة للكفار على جهة التقريع.
و"الجبل": الأمة العظيمة، قال عن النقاش : أقلها عشرة آلاف، ولا حد لأكثرها، وقرأ الضحاك ، نافع بكسر الجيم والباء وشد اللام، وهي قراءة وعاصم ، أبي جعفر وشيبة ، وأهل المدينة، وأبي رجاء - بخلاف عنه -، وقرأ والحسن بكسر الجيم وسكون الباء والتخفيف. وقرأ الأشهب العقيلي الحسن، ، والزهري بضم الجيم والباء والتشديد، وهي قراءة والأعرج أبي إسحق، ، وعيسى ، وقرأ وابن وثاب ، أبو عمرو ، وابن عامر والهذيل بن شرحبيل بضم الجيم وسكون الباء والتخفيف، "قرأ ، ابن كثير ، وحمزة : [جبلا] بضم الجيم والباء والتخفيف"، وذكر والكسائي عن بعض الخراسانيين بكسر الجيم وبياء بنقطتين ساكنة. وقرأ الجمهور: أبو حاتم تكونوا تعقلون بالتاء، وقرأ بالياء. طلحة
ثم وقفهم على جهنم التي كانوا يوعدون ويكذبون، و"جهنم" أول طبقة من النار، و"اصلوها" معناه: باشروها.
ثم أخبر تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم أخبارا تشاركه فيها أمته بقوله: اليوم نختم على أفواههم ، أي: في ذلك اليوم يكون ذلك. وروي في هذا المعنى أن الله يجعل الكفرة يخاصمون، فإذا لم يأتوا بشيء تقوم به الحجة رجعوا إلى الإنكار فناكروا [ ص: 261 ] الملائكة في الأعمال، فعند ذلك وروى يختم الله على أفواههم فلا ينطقون بحرف، ويأمر تعالى جوارحهم بالشهادة فتشهد، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: عقبة بن عامر "إن أول ما يتكلم من الكافر فخذه اليسرى"، وقال : "اليمنى ثم سائر جوارحه"، أبو سعيد الخدري وروي أن بعض الكفرة يقول يومئذ لجوارحه: "تبا لك وسحقا، فعنك كنت أماحك" ونحو هذا من المعنى، وقد اختلفت فيه ألفاظ الرواة، وروى عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده أنه قرأ: "ولتكلمنا أيديهم ولتشهد أرجلهم" بزيادة لام (كي) النصب، وهي مخالفة لخط المصحف.