الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وسألته عن أصحاب الصوامع ، والرهبان فرأى قتلهم حسنا ، وفي السير الكبير مروي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهم لا يقتلون ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهم الله ، وقيل لا خلاف في الحقيقة ، فإنهم إن كانوا يخالطون الناس يقتلون عندهم جميعا ; لأن المقاتلة يصدرون عن رأيهم ، وهم الذين يحثونهم على قتال المسلمين ، وإن كانوا طينوا على أنفسهم الباب ، ولا يخالطون الناس أصلا ، فإنهم لا يقتلون ; لأنهم لا يقاتلون بالفعل ، ولا بالحث عليه ، وقيل : بل في المسألة خلاف فهما استدلا بوصية أبي بكر رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان حيث قال : وستلقى أقواما من أصحاب الصوامع ، والرهبان زعموا أنهم فرغوا أنفسهم للعبادة فدعهم وما فرغوا أنفسهم له ، والمعنى فيه أنهم لا يقاتلون ، والقتل لدفع القتال فكانوا هم في ذلك كالنساء ، والصبيان وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : هؤلاء من أئمة الكفر قال تعالى { فقاتلوا أئمة الكفر } فمعنى هذا الكلام أنهم فرغوا أنفسهم للإصرار على الكفر ، والاشتغال بما يمنع عنه في الإسلام ، والظاهر أن الناس يقتدون بهم فهم يحثون الناس على القتال فعلا ، وإن كانوا لا يحثونهم على ذلك قولا ، ولأنهم بما صنعوا لا تخرج بنيتهم من أن تكون صالحة للمحاربة ، وإن كانوا لا يشتغلون بالمحاربة كالمشغولين بالتجارة والحراثة منهم ، بخلاف النساء والصبيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية