وإن ، فإنه يقيم الحدود ، والقصاص ، والأحكام بين الناس بالحق لا يسعه إلا ذلك ; لأن ظهر أهل البغي على مصر فاستعملوا عليه قاضيا من أهله ، وليس من أهل البغي رحمه الله تعالى تقلد القضاء من جهة بعض شريحا بني أمية والحسن رحمه الله تعالى كذلك رضي الله عنه بعد ما استخلف لم يتعرض لقضاء القضاة الذين تقلدوا من جهة وعمر بن عبد العزيز بني أمية ، والمعنى فيه أن الحكم بالعدل ، ودفع الظلم عن المظلوم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك فرض على كل مسلم إلا أن كل من كان من الرعية فهو غير متمكن من إلزام ذلك ، فإذا تمكن من ذلك بقوة من قلده كان عليه أن يحكم بما هو فرض عليه ، سواء كان من قلده باغيا أو عادلا ، فإن شرط التقليد التمكن وقد حصل ، فإن كتب هذا القاضي كتابا إلى قاضي أهل العدل بحق لرجل من أهل المصر بشهادة من شهد عنده بذلك أجازه إذا كان هذا القاضي الذي أتاه الكتاب يعرف الشهود الذين شهدوا عند ذلك القاضي ، وليسوا من أهل البغي ; لأنهم لو شهدوا عنده بذلك كان عليه أن يقضي بشهادتهم ، فكذلك إذا نقل القاضي بكتابه شهادتهم إلى مجلسه ، وإن كانوا من أهل البغي لا يجيز كتابه كما لو [ ص: 131 ] شهدوا عنده بذلك لم يقض بشهادتهم على ما بينا ، وكذلك إن كان لا يعرفهم ; لأن الظاهر في منعة أهل البغي أن من يسكن فيهم فهو منهم فما لم يعلم خلافه وجب عليه الأخذ بالظاهر .