وإن لم تكن الموادعة خيرا للمسلمين فلا ينبغي أن يوادعهم لقوله تعالى { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون } ، ولأن قتال المشركين فرض ، وترك ما هو الفرض من غير عذر لا يجوز ، فإن نبذ إليهم الموادعة وقاتلهم ; لأنه ظهر في الانتهاء [ ص: 87 ] ما لو كان موجودا في الابتداء منعه ذلك من الموادعة فإذا ظهر ذلك في الانتهاء منع ذلك من استدامة الموادعة ، وهذا ; لأن نقض الموادعة بالنبذ جائز قال صلى الله عليه وسلم { رأى الموادعة خيرا فوادعهم ثم نظر فوجد موادعتهم شرا للمسلمين } ، ولكن ينبغي أن ينبذ إليهم على سواء قال تعالى { يعقد عليهم أولاهم ، ويرد عليهم أقصاهم وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } أي على سواء منكم ، ومنهم في العلم بذلك فعرفنا أنه لا يحل قتالهم قبل النبذ ، وقبل أن يعلموا بذلك ليعودوا إلى ما كانوا عليه من التحصن ، وكان ذلك للتحرز عن الغدر .