الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وليس للأول ) وهو من عماده الليل ويقاس به في جميع ما يأتي ومنه أن الدخول في العماد شرطه الضرورة وفي غيره تكفي الحاجة من عماده النهار أو وقت النزول أو السكون أو الإفاقة ( دخول في نوبة على أخرى ليلا ) ولو لحاجة ( إلا لضرورة كمرضها المخوف ) ولو ظنا وإن طالت مدته وإن نظر فيه الأذرعي أواحتمالا ليعرف الحال ومما يدفع تنظيره قول التهذيب وغيره لو مرضت أو ولدت ولا متعهد لها قال الرافعي أو لها متعهد كمحرم أي متبرع إذ لا يلزمه إسكانه فله أن يديم البيتوتة عندها ويقضي وقياسه أن مسكن أحد أمن لو اختص بخوف ولم تأمن على نفسها إلا به جاز له البيتوتة عندها ما دام الخوف موجودا ويقضي نعم إن سهل نقلها لمنزل لا خوف فيه لم يبعد تعينه عليه ثم رأيت الزركشي نقل عن الشافي واستظهره أن الخوف عليها من حريق أو نهب أو نحوه أي كفاجر كالمرض ( وحينئذ ) أي حين إذ دخل لضرورة كما هو صريح السياق .

                                                                                                                              فقول شارح يحتمل إرادة هذا وضده والأمرين بعيد بل سهو ( إن طال مكثه ) عرفا وتقدير القاضي لطوله بثلث الليل وغيره بساعة طويلة عرفا ضعيف لكنه يدل على تنفيس في زمن الطول ويظهر [ ص: 446 ] ضبط العرف في ذلك بفوق ما من شأنه أن يحتاج إليه عند الدخول لتفقد الأحوال عادة فهذا القدر لا يقضيه مطلقا وما زاد عليه يقضيه مطلقا وإن فرض أن الضرورة امتدت فوق ذلك وتعليلهم بالمسامحة وعدمها ظاهر في ذلك ( قضى ) من نوبتها مثله ؛ لأنه مع الطول لا يسمح به وحق الآدمي لا يسقط بالعذر ( وإلا ) يطل مكثه عرفا ( فلا ) يقضي ؛ لأنه يتسامح به وقول الزركشي ويأثم سبق قلم إذ الفرض أنه دخل لضرورة وإنما الإثم إن تعدى بالدخول وإن قل مكثه ومع ذلك لا يقضي إلا إن طال مكثه خلافا لما يوهمه قوله وحينئذ إذ قضيته أن شرط القضاء عند الطول كون الدخول لضرورة وأنه لغيرها يقضي مطلقا لتعديه وكذا يجب القضاء عند طول زمن الخروج ليلا ولو لغير بيت الضرة وإن أكره لكنه هنا يقضيه عند فراغ النوبة لا من نوبة إحداهن وعند فراغ زمن القضاء يلزمه الخروج إن أمن لنحو مسجد وقد يجب القضاء عند القصر بأن بعد منزلها بحيث طال الزمن من الذهاب والعود فيجب القضاء من نوبتها وإن قصر المكث عندها كذا جزم به شارح وهو محتمل لكن ظاهر تخصيصهم القضاء بزمن المكث خلافه ويوجه بأن زمن العود والذهاب لا يظهر فيه قصد تخصيص مؤثر عرفا نعم قياس ما مر في صورة القضاء بعد فراغ النوب أن زمنهما لو طال قضاه بعد فراغ النوب وله قضاء الفائت في أي جزء من الليل ومثله أولى وقيل واجب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولو لحاجة ) قال في شرح الروض كعبادة .

                                                                                                                              ( قوله فله أن يديم البيتوتة عندها ويقضي ) لو انعزل عنها والحال ما ذكر في جانب من الدار أو البيت بحيث لا يأتي عندها إلا عند عروض صيرورتها بقدر إزالتها فيحتمل أن لا قضاء لذلك الزمن الذي باته كذلك لكن الوجه القضاء حيث جمعهما مسكن واحد بخلاف ما لو كان في مسكن آخر م ر ولو مرض عند إحداهن مرضا منعه من الخروج لنوبة غيرها فانعزلت عنه بحيث لا تأتي عنده إلا لإزالة ضرورة تعرض له بقدر إزالتها فقط فيحتمل أن لا يحسب عليه ذلك حتى لا يقضيه ويحتمل القضاء ؛ لأنها تميزت بمبيته عندها وتأنسها به ولعله الوجه حيث جمعهما مسكن واحد .

                                                                                                                              ( قوله فقول شارح ) هو الزركشي .

                                                                                                                              ( قوله بعيد بل سهو ) أقول في الحكم بسهوه بل ببعده بحث ظاهر وذلك ؛ لأن قول المصنف وليس للأول دخول إلخ منطوقه منع الدخول لغير ضرورة ومفهومه جوازه لضرورة كما هو ظاهر مما قرره الأصوليون في نحو لا عالم إلا زيد وحينئذ فعلى هذا تقدير رجوع قوله وحينئذ للدخول لغير ضرورة فقط أو لهما يكون راجعا لمنطوق ما قبله أو لمنطوقه ومفهومه جميعا ورجوع الكلام المتعلق بما قبله لمنطوقه أو لهما إن لم يكن أقرب من رجوعه لمفهومه فقط لم يكن أبعد منه بل الرجوع للمنطوق هو المتبادر والظاهر ؛ لأنه الأصل لا سيما عند من ينكر المفهوم فكيف مع ذلك يسوغ دعوى السهو أو البعد ودعوى صراحة السياق ممنوعة فليتأمل [ ص: 446 ] فقد ظهر أن إرادة الضد أقرب لفظا وأن إرادتهما إن لم تكن كذلك لم تكن أبعد مما ذكره هو وأما بالنظر للمعنى فالحمل عليهما أولى لإفادة ذلك حكمهما جميعا ؛ لأن الحكم فيهما واحد كما صرح به تقريره فالوجه أن اعتراضه هذا هو الحقيقي بكونه بعيدا بل سهوا فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله فهذا القدر ) أي ما من شأنه إلخ ( قوله مطلقا ) فيه نظر إذا طال .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) ظاهره سواء وصله بما زاد أو لا فإذا طال فوق هذا القدر قضى ما زاد عليه دونه وإذا لم يقض هذا القدر في الأصل ففي التابع بالأولى كما لا يخفى .

                                                                                                                              ( قوله إذ الفرض إلخ ) قد يمنع أن الفرض ذلك عند الزركشي ؛ لأنه جوز في قول المصنف وحينئذ ما تقدم فيصح الحكم بالإثم نظر البعض تلك الاعتبارات وكأنه قال بشرطه ومع احتمال محمل صحيح لا يتأتى الحكم بسبق القلم فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله لكنه هنا ) أي في طول زمن الخروج ليلا إلخ في الروض وإن خرج أو أخرج مضطرا في ليلة إحداهن قضى من الليلة الثانية بقدره وذلك الوقت أولى ثم خرج وينفرد إلا أن يخاف عسسا فيقف والأولى أن لا يستمتع انتهى واعلم أن هذا مما يصرح ببطلان ما توهمه جمع من المتفقهة من أن الزوج لو عطل ليلة إحدى زوجتيه مثلا بعد أن وفى الأخرى ليلتها بأن بات عند الأخرى ليلتها ثم بات ما بعدها بنحو مسجد سقط حق الأولى من هذه الليلة ولم يجب قضاؤها لها فله أن يبيت الثالثة عند الأخرى والصواب الذي يصرح به هذا الكلام وغيره امتناع بياته عند الأخرى قبل أن يوفي الأولى ليلتها .

                                                                                                                              ( قوله أن زمنهما ) أي الذهاب والإياب .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ومنه ) أي مما يأتي .

                                                                                                                              ( قوله من عماده إلخ ) نائب فاعل يقاس .

                                                                                                                              ( قوله ولو لحاجة ) كعيادة مغني وأسنى ( قول المتن كمرضها المخوف ) وشدة الطلق وخوف النهب والحريق ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله مدته ) أي الدخول ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وإن نظر فيه ) لعل مرجع الضمير قوله وإن طالت مدته .

                                                                                                                              ( قوله ليعرف الحال ) أي ليعرف هل هو مخوف أو غير مخوف ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله ومما يدفع تنظيره إلخ ) لعل وجه الدفع إطلاق التهذيب وغيره قولهما لو مرضت إلخ الشامل للطويل والقصير .

                                                                                                                              ( قوله إذ لا يلزمه إلخ ) تعليل لقوله الآتي فله أن يديم إلخ ا هـ ع ش أقول الظاهر أنه علة لقوله أي متبرع وأن الضميرين للمتعهد المحرم ( قوله فله أن يديم البيتوتة إلخ ) لو انعزل عنها والحال ما ذكر في جانب من الدار أو البيت بحيث لا يأتي عندها إلا عند عروض ضرورتها بقدر إزالتها فيحتمل أن لا قضاء لذلك الزمن الذي يأتيها كذلك لكن الوجه القضاء حيث جمعهما مسكن واحد بخلاف ما لو كان في مسكن آخر م ر ولعل الوجه فيما لو مرض عند إحداهن مرضا منعه من الخروج لنوبة غيرها فانعزلت بحيث لا تأتي عنده إلا لإزالة ضرورة تعرض له بقدر إزالتها فقط القضاء ولو جمعهما مسكن واحد ا هـ سم ( قوله وقياسه ) أي ما في التهذيب وغيره .

                                                                                                                              ( قوله على نفسها ) أي أو مالها وإن قل فيما يظهر ا هـ ع ش ( قوله لم يبعد تعينه إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله أي حين ) إلى قوله كذا جزم في النهاية إلا قوله بل سهو وقوله لكنه يدل إلى ويظهر .

                                                                                                                              ( قوله وضده ) وهو إرادة الدخول بلا ضرورة ( قوله والأمرين ) أي الدخول لضرورة وضده .

                                                                                                                              ( قوله بعيد بل سهو ) رده سم راجعه .

                                                                                                                              ( قوله وتقدير القاضي ) أي حسين ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وغيره ) أي تقدير غير القاضي ( قوله لكنه ) أي كل من التقديرين ( قوله على تنفيس ) أي سعة وفسحة ( قوله ويظهر ) عبارة النهاية [ ص: 446 ] والأوجه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في ذلك ) أي في طول المكث ( قوله فهذا القدر ) أي ما من شأنه إلخ ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) فيه نظر إذا طال ا هـ سم أي على مدة الضرورة ( قوله عليه ) أي هذا القدر .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) ظاهره سواء وصله بما زاد أو لا فإذا طال فوق هذا القدر في الأصل ففي التابع بالأولى كما لا يخفى ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وإن فرض إلخ ) غاية .

                                                                                                                              ( قوله فوق ذلك ) أي ما من شأنه إلخ .

                                                                                                                              ( قوله بالمسامحة ) أي في قول المتن وإلا فلا وعدمها أي فيما قبله ظاهر في ذلك أي الضبط المذكور .

                                                                                                                              ( قوله مثله ) مفعول قضى ( قوله ومع ذلك ) أي من انحصار الإثم فيما ذكر .

                                                                                                                              ( قوله قوله ) أي المصنف .

                                                                                                                              ( قوله ولو لغير بيت الضرة ) لعل الأولى إسقاط لفظة ولو .

                                                                                                                              ( قوله لكنه هنا ) أي في طول زمن الخروج ليلا ا هـ سم أي إلى غير بيت الضرة .

                                                                                                                              ( قوله إن أمن ) أي فإن لم يأمن كمل الليلة عندها والأولى له عدم التمتع وعليه فينبغي قضاء بقية الليلة أيضا حيث لم ينعزل عنها في مسكن آخر من البيت ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وهو محتمل ) بل الوجه ومن ثم أقره في النهاية وأما تعبيرهم بالمكث فللغالب ا هـ سيد عمر واستقرب ع ش القضاء بعد فراغ النوب الآتي في الشارح ولعله هو الوجه .

                                                                                                                              ( قوله ويوجه ) أي خلافه .

                                                                                                                              ( قوله في صورة القضاء إلخ ) لعل حق العبارة في صورة طول زمن الخروج ليلا إلى غير بيت الضرة من القضاء إلخ .

                                                                                                                              ( قوله أن زمنهما ) أي الذهاب والإياب ( قوله وله قضاء الفائت ) إلى قوله ومثله في النهاية وإلى المتن في المغني ثم قال ويعصي بطلاق من لم يستوف حقها بعد حضور وقته لتفويته حقها بعد ثبوته وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعيا كما صرح به في أصل الروضة قال ابن الرفعة ويتجه أن يكون العصيان فيما إذا طلقها بغير سؤالها وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومثله ) أي مثل ذلك الجزاء الفائت .




                                                                                                                              الخدمات العلمية