الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أوصى لدابة ) يصح الوقف عليها كالخيل المسبلة أولا ( وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة ) ؛ لأن مطلق اللفظ للتمليك ، وهي لا تملك حالا ولا مآلا وبه فارقت العبد وتقبل دعوى الوارث المبطل بيمينه وفي البيان لو قال : ما أدري ما أراد مورثي بطلت قطعا ( وإن ) قصد علفها أو ( قال ليصرف في علفها ) بفتح اللام المأكول وبإسكانها المصدر ونقلا عن ضبطه ( فالمنقول صحتها ) ؛ لأن مؤنتها على مالكها فهو المقصود بالوصية ، ومع ذلك يتعين صرفه في مؤنها وإن انتقلت لآخر رعاية لغرض الموصي ، ومن ثم لو دلت قرينة ظاهرة على أنه إنما قصد به مالكها وإنما ذكرها تجملا أو مباسطة [ ص: 12 ] تعين له على الأوجه كما أشار إليه الأذرعي أخذا مما قالوه في الهبة ويتولاه الوصي وإلا فالقاضي أو مأمور أحدهما ولو المالك ، ولا يسلم له بغير إذن أحدهما ولو ماتت كان ما بقي لمالكها كما هو ظاهر ويشترط قبوله قال الأذرعي وأن لا تكون متخذة لمعصية كقطع الطريق ا هـ وقياس ما يأتي من صحة الوصية لقاطع الطريق إلا أن قال ليقطعها توقف البطلان هنا على قوله ليقطعها عليها إلا أن يفرق بأن الوصية له لم تنحصر في المعصية لاحتمال صرفه الموصى به في غير ذلك بخلافها فيها فإن قصدها بالرفق مع علم قطع الطريق عليها فيه إعانة على معصية ، ويظهر أنه يأتي ما ذكر في الوصية بشيء ليصرف في مؤنة قن الغير وأن ذكرهم للدابة إنما هو للغالب لا غير ومن ثم لو أوصى بعمارة دار غيره [ ص: 13 ] لزمت وتعين الصرف لعمارتها رعاية لغرض الموصي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله المبطل ) [ ص: 12 ] مفعول دعوى ( قوله ويتولاه ) أي الصرف الوصي وإلا فالقاضي لو توقف الصرف على مؤنة كأن عجز الوصي أو الحاكم عن حمل العلف وتقديمه إليها أو كان ذلك مما يخل بمروءته ولم يتبرع بها أحد فهل تتعلق تلك المؤنة بالموصى به فيصرف منها ؛ لأنها من تتمة القيام بتلك الوصية أو تتعلق بمالك الدابة ؟ فيه نظر والذي يظهر لي هو الأول فليتأمل . ولو أوصى بعلف الدابة الذي لا تأكله عادة فهل تبطل الوصية أو ينصرف لمالكها أو يفصل فإن مات الموصي جاهلا بحالها بطلت أو عالما لصرفت لمالكها فيه نظر ، والثالث غير بعيد ولو كان العلف الموصى به مما تأكله عادة لكن عرض لها امتناعها من أكله فيحتمل أن يقال إذا أيس من أكلها إياه عادة صار الموصى به للمالك كما لو ماتت والأحفظ لي تأتي أكلها فليتأمل ( قوله ولو ماتت كان ما بقي لمالكها ) وكذا الجميع لو وقع الموت قبل اعتلافها شيئا منه كما هو ظاهر ، وظاهر أن المراد مالكها عند الموت وإن انتقلت بعد ذلك لغيره ( قوله ويشترط قبوله ) لو انتقلت عن مالكها عند الموت إلى غيره قبل القبول ، فالوجه أن المشترط قبوله هو ومالكها عند الموت وإن انتقلت عن ملكه أخذا مما اعتمده في شرح الروض من أنها لو بيعت قبل موت الموصي كانت الوصية للمشتري أو بعده كانت للبائع ، ثم فرع على التفصيل أنه لو قبل البائع ، ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ذلك لعلفها وإن صارت ملك غيره ا هـ وعلى هذا ما استظهرناه فيما مر أنها إذا ماتت الدابة كان العلف أو ما بقي منه لمالكها عند الموت ( قوله وقياس ما يأتي إلخ ) هو الوجه ( قوله فيه إعانة على معصية ) الإعانة على المعصية لم تتعين لجواز علفها لعمل مباح ( قوله ويظهر أنه يأتي ما ذكر في الوصية بشيء ليصرف في مؤنة قن الغير ) انظر لو عتق في هذه الحالة قبل الموت أو بعده ولا يبعد أن يقال هو في الأول تصح الوصية وتكون له ويشترط قبوله ويتعين عليه صرفها في مؤنته وفي [ ص: 13 ] الثاني تصح وتكون للسيد ويتعين صرفها في مؤنة العتيق فإن مات كانت أو ما بقي منها للسيد ؛ لأنها بالموت انصرفت له كما أن الدابة إذا انتقلت فيه بعد الموت لا يتغير الحكم ، ويحتمل الفرق فليراجع



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله يصح الوقف عليها إلخ ) خلافا للمغني والنهاية في صورة الإطلاق عبارتهما قال الزركشي وقياس ما مر في صحة الوقف على الخيل المسبلة صحة الوصية لها أي عند الإطلاق بل أولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن أو أطلق ) أي أطلق في قصده فلم يقصد شيئا ا هـ رشيدي ( قوله ؛ لأن مطلق اللفظ ) إلى قوله انتهى في النهاية إلا قوله كما أشار إليه الأذرعي وقوله ولو المالك إلى ولو ماتت ( قوله وتقبل إلخ ) وإن قال أراد العلف صحت ا هـ نهاية ( قوله المبطل ) مفعول دعوى ا هـ سم ( قول المتن صحتها ) فلو باعها مالكها قبل الموت انتقلت الوصية للمشتري أو بعده فهي للبائع كالعبد في التقديرين على الأصح فعليه لو قبل [ ص: 12 ] البائع ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ذلك لعلفها وإن صارت ملك غيره نهاية ومغني قال ع ش قوله يلزمه صرف ذلك إلخ ففائدة كونه ملكه أن الدابة لو ماتت وقد بقي من الموصى به شيء كان للبائع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تعين له إلخ ) عبارة النهاية ملكه ملكا مطلقا كما لو دفع درهما لآخر وقال اشتر به عمامة مثلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويتولاه ) أي الصرف الوصي إلخ ولو توقف الصرف على مؤنة أو كان مما يخل بمروءة القاضي أو الوصي ، ولم يتبرع بهما أحد فالذي يظهر لي أنها تتعلق أي المؤنة بالموصى به ، ولو أوصى بعلف الدابة التي لا تأكله عادة فالأقرب أنه إن كان الموصي جاهلا بحالها بطلت أو عالما انصرفت لمالكها .

                                                                                                                              ولو كان العلف الموصى به مما تأكله عادة لكن عرض لها امتناعها من أكله فيحتمل أن يقال إن أيس من أكلها إياه عادة صار الموصى به للمالك كما لو ماتت ، وإلا حفظ إلى أن يتأتى أكلها فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش ( قوله أو مأمور أحدهما ) عبارة المغني والنهاية الوصي أو نائبه من مالك أو غيره ثم القاضي أو نائبه كذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كان ما بقي لمالكها ) وكذا الجميع لو وقع الموت قبل اعتلافها شيئا منه كما هو ظاهر ، وظاهر أن المراد مالكها عند الموت وإن انتقلت بعد ذلك لغيره ا هـ سم ( قوله ويشترط إلخ ) عبارة المغني وعلى المنقول يشترط قبول مالك الدابة كسائر الوصايا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قال الأذرعي إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله وأن لا تكون إلخ ) عطف على قوله قبوله وقوله قال الأذرعي معترضة ( قوله كقطع الطريق إلخ ) عبارة النهاية كفرس قاطع الطريق والحربي والمحارب لأهل العدل ا هـ ( قوله وقياس ما يأتي إلخ ) هو الوجه سم وع ش .

                                                                                                                              ( قوله توقف البطلان إلخ ) خبر وقياس إلخ ( قوله على قوله ليقطعها إلخ ) يتجه في المقيس والمقيس عليه إن قصد قطع الطريق كالتصريح به أخذا مما مر آنفا ، وعليه فلو اختلف الوارث والموصى له فالقول قول الوارث أخذا مما سبق ا هـ سيد عمر ( قوله بخلافها فيها ) أي بخلاف الوصية للدابة المتخذة لقطع الطريق ففي بمعنى اللام ( قوله فيه إعانة على معصية ) الإعانة على المعصية غير متعين لجواز علفها لعمل مباح ا هـ سم ( قوله ويظهر أنه يأتي إلخ ) انظر لو عتق في هذه الحالة قبل الموت أو بعده ولا يبعد أن يقال إنه في الأول تصح الوصية ، وتكون له ويشترط قبوله ويتعين عليه صرفها في مؤنته وفي الثاني تصح وتكون للسيد ، ويتعين صرفها في مؤنة العتيق فإن مات كان ما بقي منها للسيد ا هـ سم ( قوله ما ذكر ) أي في الوصية لعلف الدابة وقوله [ ص: 13 ] في الوصية إلخ متعلق بيأتي ( قوله لزمت إلخ ) ويشترط قبول صاحب الدار ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية