الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أصدقها ) ( تعليم ) ما فيه كلفة عرفا من ( قرآن ) ولو دون ثلاث آيات على الأوجه أو نحو شعر فيه كلفة ومنفعة تقصد شرعا لاشتماله على علم أو مواعظ مثلا عينا أو ذمة ولو لنحو عبدها أو ولدها الذي يلزمها إنفاقه صح ولو كان تعليم القرآن لكتابية لكن [ ص: 411 ] إن رجي إسلامها ( و ) متى ( طلق ) مثلا ( قبله ) أي تعليمها هي دون نحو عبدها ولم تصر زوجة أو محرما له بحدوث رضاع أو بأن ينكح بنتها ولا كانت صغيرة لا تشتهى وكان التعليم بنفسه ( فالأصح تعذر تعليمه ) وإن وجب كالفاتحة قبل الدخول وبعده لأنها صارت أجنبية فلم تؤمن المفسدة لما وقع بينهما من مقرب الألفة وامتداد طمع كل إلى الآخر وبه فارق ما مر من جواز النظر للتعليم فعلم أنه لا نظر هنا لما علل به الإسنوي التعذر استحالة القيام بتعليم نصف مشاع واستحقاق نصف معين تحكم مع كثرة الاختلاف بطول الآيات وقصرها وصعوبتها وسهولتها حتى في الصورة الواحدة وذلك لما تقرر من التعذر بعد الوطء بعد استحقاقها تعليم الكل وأنه لو أمكنه أن يعلمها ما استحقته في مجلس واحد من وراء حجاب بحضرة مانع خلوة رضي بالحضور كمحرم أو زوج أو امرأة أخرى وهما ثقتان يحتشمهما فلا تعذر ( تنبيه )

                                                                                                                              إذا لم يتعذر كأن كان لنحو قنها وتشطر فما العبرة في النصف الذي يعلمه هل هو باعتبار الآيات أو الحروف وهل إذا اختلفا في تعيينه المجاب هو أو هي لم أر في ذلك شيئا ويظهر اعتبار النصف المتقارب عرفا بالآيات أو الحروف وأن الخيرة إليه لا إليها كما اعتبروا نية المدين الدافع دون نية الدائن المدفوع إليه نعم الذي يتجه أنه لا يجاب لنصف ملفق من سور أو آيات لا على ترتيب المصحف لأنه لا يفهم من إطلاق النصف ثم رأيت بعضهم قال إن النصف الحقيقي يتعذر وإجابة أحدهما تحكم فيجب نصف مهر المثل ا هـ وهو مبني على ما مر من الإسنوي وقد علمت رده وإنما يلزم حيث لا مرجح [ ص: 412 ] وقد علمت مرجح الزوج فالوجه ما ذكرته فإن قلت قد تقرر رعاية جانبها بتخييرها في الزيادة فينبغي إجابتها هنا لذلك قلت يفرق بأن رعايتها لم وقع في أمر تابع وما هنا مقصود بل هو المقصود فكان إلحاقه بمدين يؤدي ما عليه كما قررته أولى ثم رأيت ما ذكر عن الإسنوي منقولا عن نص البويطي ومع ذلك ما ذكرته أوجه في المعنى ( ويجب ) فيما إذا تعذر تعليم ما أصدقه ( مهر مثل ) إن فارق ( بعد وطء ونصفه ) إن فارق لا بسببها ( قبله ) جريا على القاعدة في تلف الصداق قبل القبض ولو علمها ثم فارقها بعد وطء فلا شيء له والأرجح عليها بأجرة مثل الكل إن لم يجب شطر وإلا فبأجرة مثل نصفه أما لو أصدقها تعليما لها في ذمته فلا يتعذر بل يستأجر نحو امرأة أو محرم يعلمها ما وجب لها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولو لنحو عبدها ) ظاهره ولو لما لا يجب عليها تعليمه إياه وهو ظاهر لأن عبدها مال لها تزيد قيمته بالتعليم فهو نفع يعود إليها خلافا لما توهمه عبارة شرح الروض من تقييده بما إذا وجب تعليمه فإن عبارة الروضة كالصريحة بخلافه وهي الرابعة أصدقها تعليم ولدها لم يصح الصداق كما لو شرط الصداق لولدها وإن أصدقها تعليم غلامها قال البغوي لا يصح كالولد وقال المتولي يصح وهذا أصح ولو وجب عليها تعليم الولد أو ختان العبد فشرطته صداقا جاز ا هـ وقضيته أنه لو لم يجب ختان العبد لم يجز شرطه صداقا وفيه وقفة لأنه وإن لم يجب يزيد في قيمته فهو نفع مالي راجع إليها فليتأمل ولا يخفى التفاوت بين اعتبار الروضة في تعليم الولد وجوبه واعتبار الشارح لزوم اتفاقه فإن مجرد لزوم الاتفاق لا يقتضي وجوب تعليم ما أريد [ ص: 411 ] جعل تعليمه صداقا كما هو ظاهر ( قوله في المتن وطلق قبله فالأصح تعذر تعليمه ) قال في الروضة الحادية عشرة نكحها على خياطة ثوب معلوم جاز وله أن يأمر غيره بالخياطة إن التزم في الذمة وإن نكح على أن يخيطه بنفسه فعجز بأن سقطت يده أو مات ففيما عليه قولان أظهرهما مهر المثل والثاني أجرة الخياطة ولو تلف ذلك الثوب فوجهان أصحهما تلف الصداق فيعود القولان في مهر المثل والأجرة والثاني تأتي بثوب مثله ليخيطه وهذا الثاني هو الموافق لما تقرر في الإجارة من جواز إبداله المستوفى به فليراجع وإن طلقها بعد الخياطة قبل الدخول فله عليها نصف أجرة المثل وإن طلقها قبل الخياطة فإن دخل بها فعليه الخياطة وإلا خاط نصفه فإن تعذر الضبط عاد القولان في أنه يجب مهر المثل أم الأجرة انتهى .

                                                                                                                              ( قوله وهل إذا اختلفا في تعيينه ؛ المجاب هو أو هي إلخ ) الذي أفتى به شيخنا الشهاب الرملي أنهما إن اتفقا على شيء وإلا وجب نصف مهر المثل ( قوله كما اعتبروا نية المدين إلخ ) الفرق بينهما ظاهر لأن الحق هناك مضبوط لا تفاوت فيه ولا إيهام وما أحضره المدين الدافع على صفته من غير تفاوت ولا كذلك ما هنا فالأوجه حيث لم يتفقا وجوب مهر المثل ثم رأيت عن فتاوى شيخنا الشهاب الرملي أنه متى لم يتعذر ككونه لنحو قنها وتشطر أو تعذر بأن كان لها واختلفا فإن اتفقا على شيء وإلا تعين المصير إلى نصف مهر المثل أخذا من تعليل الإسنوي المتقدم انتهى شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله كما اعتبروا نية المدين الدافع ) أقول لعل هذا القياس مما يتعجب منه لأن المدين في المقيس عليه أحضر ما لا تفاوت بينه وبين الحق بوجه مما اتفقا على أنه من جنس الحق وعلى صفته ولا نزاع بينهما في ذلك وإنما النزاع في أخذه عن أي الدينين أو الديون وكانت الخيرة للمدين بخلاف ما نحن فيه فإن الحق غير مضبوط ولا متفق عليه فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله فيجب نصف مهر المثل ) [ ص: 412 ] كذا م ر ( قوله وقد علمت رده ) في كون ما ذكره فيما تقدم ردا لما قاله الإسنوي نظر ؛ لجواز التعليل في مسألة التشطير بكل مما ذكره الإسنوي وما ذكره هو فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وإنما يلزم ) أي التحكم .

                                                                                                                              ( قوله وقد علمت مرجح الزوج ) كأنه يريد قياسه على اعتبار نية المدين الدافع وقد علمت مما مر من الفرق وفساد قياسه من أصله ما فيه ( قوله ما ذكرته أوجه في المعنى ) قد علمت مما بيناه ما يسقط بل يمنع وجاهته رأسا فأعجب بعد ذلك من معارضته النص بهذا الكلام مع سقوطه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله تعليم ما فيه كلفة إلخ ) أي بحيث تقابل بأجرة وإن قلت ع ش أي لا كثم نظر مغني ( قوله أو نحو شعر ) أو حديث أو خط أو نحوه مما يصح الاستئجار على تعليمه ا هـ مغني ( قوله لاشتماله إلخ ) بيان لما يقصد شرعا ا هـ ع ش ( قوله عينا أو ذمة ) لعله تمييز من نسبة تعليم قرآن .

                                                                                                                              ( قوله ولو لنحو عبدها ) ظاهره ولو لم يجب عليها تعليمه إياه وهو ظاهر لأنه مال لها تزيد قيمته بالتعليم فهو نفع يعود إليها خلافا لما توهمه عبارة شرح الروض من تقييده بما إذا وجب تعليمه فإن عبارة الروضة كالمصرحة بخلافه ا هـ سم بحذف ( قوله الذي يلزمها إنفاقه ) عبارة المغني ولو أصدقها تعليم عبدها أو ولدها أو ختانه صح إن وجب عليها وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم بعد ذكر مثلها عن الروضة ما نصه قضيته أنه لو لم يجب ختان العبد أي أو تعليمه لم يجز شرطه صداقا وفيه وقفة لأنه وإن لم يجب يزيد في قيمته فهو نفع مالي راجع إليها فليتأمل ولا يخفى التفاوت بين اعتبار الروضة في تعليم الولد وجوبه واعتبار الشارح لزوم إنفاقه فإن مجرد لزوم الإنفاق لا يقتضي وجوب تعليم ما أريد جعل تعليمه صداقا كما هو ظاهر ا هـ وقوله ولا يخفى إلخ في سيد عمر مثله ( قوله الذي يلزمها إنفاقه ) أي بخلاف غيره إما لكونه غنيا بمال أو كون نفقته على أبيه أو كونه كبيرا قادرا على الكسب ا هـ ع ش ( قوله ولو كان إلخ ) غاية في الصحة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لكن إن رجي إسلامها ) وإلا فلا كتعليم التوراة أو الإنجيل لها أو لمسلمة فإنه لا يصح ولو أصدق الكتابية تعليم الشهادتين أو هي أو غيرها أداء شهادة لم يصح فإن كان في تعليمها كلفة أو محل القاضي المؤدى [ ص: 411 ] عنده الشهادة بعيدا يحتاج فيه إلى ركوب فالظاهر الصحة كما قاله الأذرعي ا هـ مغني ( قوله ولم تصر إلخ ) وقوله الآتي وكان التعليم إلخ معطوفان على طلق ( قوله ولم تصر زوجة ) أي بنكاح جديد ا هـ نهاية ( قوله قبل الدخول إلخ ) الأولى تقديمه على فالأصح إلخ ليتعلق بطلق كما فعله المغني ( قوله وبه فارق إلخ ) أي بقوله لما وقع بينهما إلخ ( قوله فعلم إلخ ) أي من التعليل المذكور ( قوله التعذر ) مفعول علل ( قوله من استحالة القيام إلخ ) الأسبك أن يؤخر قوله استحالة بأن يقول من أن القيام بتعليم إلخ مستحيل واستحقاق إلخ أو يقدم قوله تحكم بأن يقول وتحكم استحقاق نصف إلخ ( قوله واستحقاق نصف إلخ ) أي استحقاق تعليمه إلخ ( قوله وذلك ) أي عدم النظر لما علل به الإسنوي ( قوله لما تقرر ) أي في قوله قبل الدخول وبعده ( قوله مع استحقاقها إلخ ) أي وعدم جريان تعليله باستحالة القيام إلخ فيه ( قوله وأنه إلخ ) عطف على قوله أنه لا نظر إلخ ( قوله لو أمكنه أن يعلمها ) إلى التنبيه في النهاية والمغني ( قوله في مجلس واحد ) أي أو مجالس م ر ا هـ سم على منهج ا هـ ع ش ( قوله إذا لم يتعذر إلخ ) عبارة النهاية ومتى لم يتعذر لكونه لنحو قنها مطلقا أو لها في الذمة فإن اتفقا على شيء فذاك وإلا تعين المصير إلى نصف مهر المثل كما أفتى به الوالد أخذا من تعليل الإسنوي ا هـ واعتمده ع ش والرشيدي ( قوله هل هو ) أي النصف .

                                                                                                                              ( قوله ويظهر اعتبار النصف إلخ ) هذا مردود وقياسه على إجابة المدين فاسد لأن الحق هناك مضبوط لا تفاوت فيه ولا إبهام وما أحضره المدين الدافع من جنس الحق على صفته من غير تفاوت ولا كذلك ما هنا فالأوجه حيث لم يتفقا على شيء وجوب مهر المثل سم ونهاية ( قوله وأن الخيرة إلخ ) عطف على قوله اعتبار النصف إلخ ( قوله ثم رأيت بعضهم إلخ ) يعني الشهاب الرملي ( قوله أن النصف إلخ ) أي تعليمه ( قوله وإجابة أحدهما ) أي الزوجين ( قوله فيجب نصف مهر المثل ) القلب إلى هذا أميل لنقله عن النص كما يأتي ولفساد القياس الذي أشار إليه الشارح فإن الدين لا تفاوت فيه بالكلية بخلاف الحروف فإنها متغايرة بالحقيقة متفاوتة في السهولة ثم رأيت في النهاية ما نصه ومتى لم يتعذر ككونه لنحو قنها إلخ ا هـ سيد عمر ( قوله وهو ) أي ما قاله البعض ( قوله وإنما يلزم ) أي التحكم ( قوله [ ص: 412 ] وقد علمت رده ) في كون ما ذكره فيما تقدم ردا لما قاله الإسنوي نظرا لجواز التعليل في مسألة التشطر بكل مما ذكره الإسنوي وما ذكره هو فليتأمل ا هـ سم ( قوله وقد علمت مرجح إلخ ) كأنه يريد قياسه على اعتبار نية المدين الدافع وقد علمت مما مر من الفرق وفساده قياسه من أصله ما فيه ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله ما ذكرته ) أي في قوله ويظهر اعتبار النصف إلخ وأن الخيرة إلخ ( قوله في الزيادة ) أي المتصلة ( قوله لذلك ) أي لرعاية جانبها ( قوله أوجه في المعنى ) قد علمت مما بيناه ما يسقط بل يمنع وجاهته رأسا ا هـسم ( قوله فيما إذا تعذر ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله أو قبله وصححناه وقوله وأن المعتمد الثاني وكذا في المغني إلا قوله ولو قيل الطلاق إلى المتن وقوله لا بد لنصفه كما مر وقوله فهو كالواهب إلى المتن وقوله وكأنه أشار إلى المتن ( قوله فيما إذا تعذر إلخ ) أي في صورة المتن وأشار به إلى أن قوله ويجب إلخ مترتب على قوله فالأصح تعذر تعليمه خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ا هـ رشيدي ( قوله وإلا ) أي بأن فارقها قبل الوطء ( قوله إن لم يجب شطر ) أي بأن كان الفراق منها أو بسببها ( قوله وإلا ) أي إن وجب الشطر بأن فارقها بسببها ( قوله أما لو أصدقها إلخ ) محترز قوله السابق وكان التعليم بنفسه ا هـ ع ش ( قوله بل يستأجر إلخ ) ( تنبيه )

                                                                                                                              لو أصدقها تعليم سورة من القرآن أو جزء منه اشترط تعيين المصدق وعلم الزوج والولي بالمشروط تعليمه فإن لم يعلماه أو أحدهما وكلا أو أحدهما من يعلمه ولا يكفي التقدير بالإشارة إلى المكتوب في أوراق المصحف ولا يشترط تعيين الحرف أي الوجه الذي يعلمه لها كقراءة نافع فيعلمها ما شاء كما في الإجارة ونقل عن البصريين أنه يعلمها ما غلب على قراءة أهل البلد وهو كما قال الأذرعي حسن فإن لم يكن فيها أغلب علمها ما شاء فإن عين الزوج والولي حرفا تعين فإن خالف وعلمها حرفا غيره فمتطوع به فيلزمه تعليم الحرف المعين عملا بالشرط ولو أصدقها تعليم قرآن أو غيره شهرا صح لا تعليم سورة في شهر كما في الإجارة فيهما مغني ونهاية قال ع ش قوله وهو كما قال الأذرعي إلخ معتمد وقوله فيلزمه تعليم الحرف إلخ أي من الكلمة التي لم يشملها ما تعلمته فلو شرط تعليمها قراءة نافع مثلا فعلمها قراءة غيره وجب تعليم الكلمات التي يخالف فيها نافعا وقوله شهرا إلخ ويعلمها من الشهر في الأوقات التي جرت العادة بالتعليم فيها كالنهار فلو طلبت خلاف المعتاد لا يلزمه الإجابة وإن تراضيا بشيء عمل به ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية