الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21458 9362 - (21965) - (5 \ 226) عن سماك بن حرب، حدثني قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وسأله رجل، فقال: إن من الطعام طعاما أتحرج منه. فقال: " لا يختلجن في نفسك شيء ضارعت فيه النصرانية".

التالي السابق


* قوله: " وسأله رجل": يريد نفسه؛ كما يدل عليه روايات الحديث.

* "أتحرج منه ": من الحرج، وهو الضيق، ويطلق على الإثم، ويعني أتحرج: أجتنب وأمتنع؛ كتأثم: اجتنب عن الإثم.

* "لا يختلجن": قد اختلف في روايته مادة وهيئة، أما الأول، فقال العراقي: المشهور: أنه - بتقديم الخاء المعجمة على الجيم -، وروي - بتقديم [ ص: 72 ] الحاء المهملة على الجيم -، وأما الثاني، فهل هو من الافتعال، أو من التفعل؟ والمعنى على التقادير واحد، أي: لا يقع في نفسك شك منه وريبة.

* "شيء ": أي: طعام، كما في رواية.

* "ضارعت ": - بسكون العين وفتح التاء - على صيغة الخطاب، أي: شابهت به الملة النصرانية، أي: أهلها، وقد اختلفوا في أن الجواب مفيد للمنع أو الإباحة، والأقرب عندي أن المراد الإباحة، ومحط الكلام هو الطعام، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعام تشبه فيه النصارى، وإنما يختلج دين أو خلق تشبه فيه النصارى، يعني: أن التشبه الممنوع إنما في الدين والعادات والأخلاق، لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل أحد، والتشبه فيه لازم؛ لاتحاد جنس مأكول الفريقين، وقد أذن الله تعالى فيه بقوله: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [المائدة: 5]، فالتشبه في مثله لا عبرة به، ولا يختلج في صدرك حتى تسأل عنه، وقد سبق في مسند الكوفيين هذا المعنى في مسند عدي بن حاتم أيضا في موضعين، إلا أنه كان في موضع بحيث يفيد الإباحة، وفي موضع يفيد المنع، والظاهر أن التغيير من الرواة بحسب ما فهموا، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية