الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21642 9437 - (22146) - (5 \ 249) عن أبي أمامة حدثه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرءوا القرآن؛ فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة اقرءوا الزهراوين: البقرة، وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أهلهما".

ثم قال: "اقرءوا البقرة؛ فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة".


التالي السابق


* قوله: "اقرؤوا القرآن": إن أريد به القرآن كله؛ كما هو الملائم لقوله: "اقرؤوا الزهراوين "، فإنه تخصيص بعد تعميم ظاهرا، فالأمر للندب، أو الوجوب على الكفاية، وإن أريد به ما يعم الكل وبعضه، أي: اقرؤوا ما يصدق عليه أنه قرآن، سواء كان بعضا أو كلا، فالأمر لمطلق الطلب، يعم الندب والوجوب بطريق عموم المجاز، لا بطريق الجمع بين الحقيقة والمجاز، فيعتبر للندب بالنظر إلى الكل، وللوجوب بالنظر إلى البعض، ويمكن جعله للوجوب عينا، أو على الكفاية، فهو للوجوب عينا بالنظر إلى البعض، وللوجوب كفاية بالنظر إلى الكل، وأما الأمر في قوله: "اقرؤوا الزهراوان"، فللندب، أو للوجوب على الكفاية، والزهراوان - بالألف - على لغة من يلزم الألف في التثنية في الأحوال كلها، وقد جاء: الزهراوين - بالياء - في رواية مسلم، على اللغة [ ص: 123 ] المشهورة، والزهراوان: تثنية الزهراء بمعنى: النير المضيء، أطلق على السورتين؛ لهدايتهما وكثرة أجرهما.

* "غمامتان": أي: سحابتان فوق أهلهما؛ لوقاية حر ذلك اليوم.

* "غيايتان": الغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه؛ من سحابة وغيرها.

* "فرقان": - بكسر الفاء وسكون الراء - أي: جماعتان.

* "يحاجان": أي: تدفعان النار والزبانية.

* "البطلة": قيل، أي: السحرة، سموا بطلة؛ لأن ما يأتون به باطل، فسموا باسم عملهم، وقيل: أراد بالبطلة: أصحاب البطالة والكسالة، أي: لا يستطيع قراءة ألفاظها وتدبر معانيها والعمل بأوامرها ونواهيها البطالة والكسالى.

* * *




الخدمات العلمية