الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن بان بعد الحكم أن الشاهدين كانا كافرين أو فاسقين ، نقض الحكم ويرجع بالمال أو ببدله على المحكوم له . وإن كان المحكوم به إتلافا فالضمان على المزكين ، فإن لم يكن ثم تزكية فعلى الحاكم . وعنه : لا ينقض إذا كانا فاسقين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( إذا بان بعد الحكم أن الشاهدين كانا كافرين أو فاسقين نقض ) أي : إذا بان بعد الحكم كفر الشهود نقض بغير خلاف ; لأن شرط الحكم كون الشاهد مسلما ، ولم يوجد . [ ص: 278 ] وكذا إذا بان فسقهم على المذهب . ( ويرجع بالمال أو ببدله على المحكوم له ) قدمه في " الكافي " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن الحكم قد نقض فيجب أن يرجع الحق إلى مستحقه ، وقد علم منه أنه إذا كان موجودا ألزم برده بعينه وهو ظاهر . ( وإن كان المحكوم به إتلافا ) كقتل أو كان الحكم لله بإتلاف حسي ، أو بما سرى إليه ( فالضمان على المزكين ) ؛ لأن المحكوم به قد تعذر رده ، وشهود التزكية ألجئوا الحاكم إلى الفعل ، فلزمهم الضمان ، كما لو شهد عدلان بحق ثم حكم حاكم بها ، ثم رجعا ؛ ولأن الحاكم أتى بما عليه ، والشهود لم يعترفوا ببطلان شهادتهم ، وإنما التفريط من المزكين .

                                                                                                                          قال القاضي : الضمان على الحاكم . وهذا الذي ذكره السامري ; لأنه فرط في الحكم بمن لا يجوز الحكم بشهادته .

                                                                                                                          وقال أبو الخطاب : الضمان على الشهود ; لأنهم فوتوا الحق على مستحقيه بشهادتهم الباطلة ، كما لو رجعوا . ( فإن لم يكن ثم تزكية فعلى الحاكم ) لأن التلف حصل بفعله أو بأمره فلزمه الضمان لتفريطه . وكذا إن كان مزكون فماتوا . ذكره في " الكافي " و " الرعاية " ولا قود ; لأنه مخطئ ، وتجب الدية في بيت المال ، وعنه : على عاقلته .

                                                                                                                          فإن قيل : إذا كان الولي قد استوفى حقه فينصب الضمان عليه ، كما لو حكم له بمال فقبضه ، ثم بان فسق الشهود . [ ص: 279 ] قلنا : ثم حصل في يد المستوفي مال المحكوم عليه بغير حق ، فوجب عليه رده وضمانه إن تلف ، وهنا لم يحصل في يده شيء ، وإنما أتلف شيئا بخطأ الإمام وتسليطه عليه فافترقا . ( وعنه : لا ينقض إذا كانا فاسقين ) لأن شرط الحكم أن لا يظهر للقاضي فسق الشهود ، وذلك موجود ، والكفر لا يخفى غالبا .

                                                                                                                          والأول أولى ; لأنهما لم يعترفا ببطلان شهادتهما ، لكن تبين فقد شرط الحكم فوجب أن يقضي بنقضه . كما لو تبين أنه حكم بالقياس وهو مخالف للنص .

                                                                                                                          وإن ظهروا عبيدا أو ولدا أو والدا أو عدوا ، فإن كان الذي حكم يرى الحكم به ، لم ينقض ; لأنه لم يخالف نصا ولا إجماعا ، وإلا نقض .

                                                                                                                          فرع : إذا جلد الإمام إنسانا ببينة قامت عنده ، ثم بان فسقهم أو كفرهم أو أنهم عبيد ، ضمن الإمام ما حصل بسبب الضرب ، كما لو قطع أو قتل . وهو قول الشافعي . وقال مالك : يضمن في الكفر والرق .

                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : لا ضمان عليه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية