الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 264 ] باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة . تقبل الشهادة على الشهادة فيما يقبل فيه كتاب القاضي ، وترد فيما يرد فيه ، ولا تقبل إلا أن تتعذر شهادة شهود الأصل بموت ، أو مرض ، أو غيبة إلى مسافة القصر وقيل : لا تقبل إلا بعد موتهم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة .

                                                                                                                          قال جعفر بن محمد : سمعت أحمد يسأل عن الشهادة على الشهادة . فقال : هي جائزة .

                                                                                                                          وكان قوم يسمونها التأويل . والأصل فيها الإجماع .

                                                                                                                          قال أبو عبيد : أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال .

                                                                                                                          والمعنى شاهد بذلك ; لأن الحاجة داعية إليها ، فإنها لو لم تقبل لبطلت الشهادة على الوقوف ، وما يتأخر إثباته عند الحاكم لو ماتت شهوده . وفي ذلك ضرر على الناس ومشقة شديدة ، فوجب قبولها كشهادة الأصل . ( تقبل الشهادة على الشهادة فيما يقبل فيه كتاب القاضي ، وترد فيما يرد فيه ) لأنها في معناه لاشتراكهما في كونهما فرعا لأصل . وذكر ابن هبيرة أن قبولها في كل شيء حتى القصاص والحدود ، في قول مالك وأحمد في رواية وقد سبق ذكر ذلك في موضعه . ( ولا تقبل ) أي : لا يحكم بها ، قاله في " المحرر " و " الوجيز " . ( إلا أن تتعذر شهادة شهود الأصل بموت ) وعلى الأصح ( أو مرض ) أو خوف من سلطان أو غيره ( أو غيبة إلى مسافة القصر ) لأن شهادة الأصل أقوى ; لأنها تثبت نفس الحق ، وهذه [ ص: 265 ] لا تثبته ; لأن سماع القاضي منهما متيقن ، وصدق شاهدي الفرع عليهما مظنون ، فلم يقبل الأدنى مع القدرة على الأقوى ، وكسائر الأبدال ، والغيبة هنا مسافة القصر . ذكره معظم الأصحاب ؛ لأن ما دون ذلك في حكم الحاضر . واختار القاضي : أنها ما لا يتسع العود والذهاب في يوم . وقاله أبو يوسف وأبو حامد الشافعي للمشقة ، بخلاف ما دون اليوم . ( وقيل : لا تقبل إلا بعد موتهم ) هذه رواية : أنه لا يحكم بشهادة فرع في حياة أصل ; لأنه إذا كان حيا رجي حضوره ، فكان كالحاضر . والمذهب : الأول ; لأنه قد تعذرت شهادة الأصل فقبل ، كما لو مات شاهد الأصل .



                                                                                                                          الخدمات العلمية