الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا تقبل الاستفاضة إلا من عدد يقع العلم بخبرهم ، في ظاهر كلام أحمد والخرقي وقال القاضي : تسمع من عدلين فصاعدا ، وإن سمع إنسانا يقر بنسب أب أو ابن فصدقه المقر له ، جاز أن يشهد به ، وإن كذبه لم يشهد ، وإن سكت جاز أن يشهد ، ويحتمل أن لا يشهد حتى يتكرر ، وإن رأى شيئا في يد إنسان يتصرف فيه تصرف الملاك من النقض والبناء والإجارة والإعارة ونحوها ، جاز أن يشهد بالملك له ، ويحتمل أن لا يشهد إلا باليد والتصرف .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا تقبل الاستفاضة إلا من عدد يقع العلم بخبرهم ، في ظاهر كلام أحمد والخرقي ) قدمه في " الرعاية " و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن الاستفاضة مأخوذة من فيض الماء لكثرته ، وذلك يستدعي كثرة القائل به ( وقال القاضي : تسمع من عدلين فصاعدا ) يسكن قلبه إلى خبرهما ؛ لأن الثابت بها حق من الحقوق ، فوجب أن يسمع منهما كغيره ، واختار المجد في " محرره " وحفيده : أو واحد تسكن إليه نفسه .

                                                                                                                          والأول : المذهب ؛ لأنه لو اكتفى باثنين لاشترط فيه ما يشترط في الشهادة على الشهادة ، وإنما اكتفى فيها بمجرد السماع ، والثالث بعيد عن معناها ، ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من الاستفاضة ، ومن قال : شهدت بها ، ففرع ، وفي " التعليق " وغيره : الشهادة بها خبر لا شهادة ، وأنها تحصل بالنساء والعبيد ( وإن سمع إنسانا يقر بنسب أب أو ابن فصدقه المقر له ، جاز أن يشهد له به ) لتوافق المقر والمقر له على ذلك ( وإن كذبه لم يشهد ) لتكذيبه إياه ( وإن سكت جاز أن يشهد ) نص عليه ، وقدمه في " الكافي " و " المستوعب " و " الرعاية " ؛ لأن السكوت [ ص: 198 ] في النسب إقرار به ، بدليل من بشر بولد فسكت ، كان مقرا به ، بخلاف سائر الدعاوى ، ولأن النسب يغلب فيه الإثبات ، ألا ترى أنه يلحق بالإمكان في النكاح ( ويحتمل أن لا يشهد حتى يتكرر ) ذكره أبو الخطاب ، وهو وجه ؛ لأن السكوت محتمل ، فاعتبر له التكرار ليزول الاحتمال ( وإن رأى شيئا في يد إنسان ) مدة طويلة ، قاله في " الترغيب " و " المجرد " و " الفصول " و " الكافي " و " المحرر " و " الوجيز " ، وظاهر كلام المؤلف يشمل القصيرة ، وصرحوا به في كتب الخلاف ، وذكره ابن هبيرة عن أحمد ( يتصرف فيه تصرف الملاك من النقض والبناء والإجارة والإعارة ونحوها ، جاز أن يشهد بالملك له ) قدمه أكثر الأصحاب ، وجزم به ابن هبيرة ، وصححه ابن المنجا ؛ لأن اليد دليل الملك ، واستمرارها من غير منازع يقويها ، فجرت مجرى الاستفاضة ، والاحتمال لا يمنع جواز الشهادة ، بدليل جوازها بالملك بناء على ما عاينه من السبب ، كالبيع والإرث ونحوهما ، مع أنه يحتمل أن البائع والمورث ليس مالكا .

                                                                                                                          وفي " المغني " : لا سبيل إلى العلم هنا ، فجازت بالظن ، ويسمى علما ؛ لقوله تعالى : فإن علمتموهن مؤمنات [ الممتحنة : 10 ] ولا سبيل إلى العلم اليقيني هنا ، فاكتفى بالظن ، ويتوجه احتمال : يعتبر حضور المدعي وقت تصرفه ، وأن لا يكون قرابته ، ولا يخاف من سلطان إن عارضه ؛ لأنه إذا ادعى شخص على المتصرف أن ذلك ملكه ، لا يجوز لمن رآه يتصرف أن يشهد له بالملك لا بما ذكر . [ ص: 199 ] ( ويحتمل أن لا يشهد إلا باليد والتصرف ) هذا وجه ، وصححه السامري ؛ لأن يده يحتمل أن تكون غير مالكة ، وفي " مختصر ابن رزين " : يشهد بملك بتصرفه .

                                                                                                                          وعنه : مع يده . وفرق قوم ، فقالوا : يشهد بالملك في المدة الطويلة ، وفي القصيرة باليد . وهو ظاهر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية